أقلامهم

خليل حيدر: يدرك عقلاء الشيعة الضررالذي تسبب فيه تسييس المذهب وربطه بالسياسة الإيرانية

«حزب الله»… ودول مجلس التعاون
كتب المقال: خليل علي حيدر
أعلن مجلس التعاون الخليجي في 2 مارس 2016 أن حزب الله “منظمة إرهابية بكل قادته وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه”.
وقال الأمين العام للمجلس د. عبداللطيف الزياني إن “دول المجلس اتخذت هذا القرار جراء استمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها عناصر الحزب لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف في انتهاك صارخ لسيادتها وأمنها واستقرارها”.
ستتولى السلطات الأمنية المسؤولة متابعة العناصر المعروفة في حزب الله، ولكن ماذا عن المتعاطفين معه والمبررين لسياساته، مهما اشتكى الإيرانيون من ضياع أموالهم وملايين دولاراتهم، حيث تقول التقارير إن ما يدفع للحزب سنويا يقارب الألف مليون دولار، مهما تدهورت أوضاع لبنان بسبب عناد الحزب وتدخلاته في كل صغيرة وكبيرة؟
متابعة العناصر الحزبية نتركها للمسؤولين في الكويت ودول مجلس التعاون، كما هو الأمر مع عموم النشاط الإرهابي، أما محاورة أنصار الحزب، ومصارحة مؤيديه، وكل الذين لا يرون للشيعة في الكويت وخارجها مستقبلاً إلا من خلال أفكار ولاية الفقيه، وعقلية حزب الله وأهدافه ووسائله وجهاده وغير ذلك، فهذا واجب كل شيعة الكويت والخليج والعراق ولبنان وبالطبع إيران.
وبودي أن أضع فقهاء الشيعة في المقدمة، وبخاصة غير المعاطفين منهم مع أطروحات أحزاب التشيع السياسي،
 ولكن من يحمي هؤلاء في أي بلد من بطش أجهزة العزل والضغط والملاحقة والاتهامات الأخرى المعروفة؟!
وأود أن أضم إليهم، بعد هذا التطور الخطير، الكتّاب الشيعة والمثقفين وأساتذة الجامعات والحقوقيين وكل الشخصيات البارزة، فلعلهم ينظرون بجدية أكبر إلى القضية بعد تفاقم الوضع هذه المرة.
وكم هو مفيد لو أن المؤمنين بدور حزب الله وسياساته يخاطبون الإعلام والجمهور علناً كذلك، وأن يردوا على كل الانتقادات والمآخذ، كما لا نريد أن نتجادل هنا بعد سنوات طويلة وكتب منشورة وأحاديث ومقابلات مسجلة في طبيعة الحزب وأهدافه وسياساته، غير أن إجماع دول مجلس التعاون الخليجي في بيانها الصادر باعتبار الحزب تنظيماً إرهابياً يخلق على أرض الواقع في الكويت والدول الخليجية والعربية وضعاً قانونياً، بعد أن أعلنت الحكومة الكويتية وأجهزة الأمن خاصة أنهم يتابعون هذا الحزب عن كثب، ويرصدون عناصرة كأي جماعة تعتبرها القوانين خطرة على الأمن السياسي، ولا جدال في أن هذا تطور محلي بالغ الخطورة، وقد يستغله البعض للتعبئة الطائفية وتجنيد المزيد من الأنصار.
ويدرك كل عقلاء الشيعة في الكويت وخارجها مدى الضرر والإيذاء الذي تسبب فيه تسييس المذهب وربطه بالسياسة الإيرانية وأحزاب التشيع السياسي من كل لون، ويتمنى الكثيرون أن يدرك المتحمسون خطورة الوضع وما قد يتعرض له عموم الشيعة في عدة دول بسبب سياسات التدخل والتحزب واللجوء إلى المشاركة في الحروب والقتال، كما يفعل حزب الله في سورية منذ فترة ليست بالقصيرة ودون اعتراض واضح أو إدانة ملموسة من أغلبية الشيعة، في الدول الخليجية والعربية! بل نجد الإيرانيين أنفسهم أقل تأييداً وحماساً لسياسات حزب الله وموقف دولتهم من سورية وفلسطين!
إن اعتقال عناصر حزب الله أو عزلهم ومحاصرتهم على يد قوى الأمن وفق الأسس والنصوص القانونية قد يعد من قبيل “الجهاد الأصغر” كما يقال، تماما كما هو الأمر مع اعتقال عناصر الأحزاب الأخرى المماثلة في التشدد والإرهاب. أما “الجهاد الأكبر” في الكويت خاصة، بعد نصف قرن ونيف من النمو والتغلغل، فهو إنقاذ السنّة والشيعة من جماعات وسياسات وأفكار الإسلام السياسي، التي قلبت كيان المجتمع وغيرت قيمه وأدخلت الكثير من الشباب في المتاهات.
مثل هذه الحركة التوعوية التي تتناول قضايا مذهبية وطائفية قضية قد تبدو معقدة وغير مرغوب فيها من الكثيرين وبخاصة مع وجود كل هذا الشدّ والجذب الطائفي في وسائل الاتصال الإلكترونية.
وثمة مشاكل أخرى تتعلق بتطور الأحداث في الكويت والمنطقة الخليجية وسورية والعراق وإيران، ومن الذين يجدون أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه، كذلك شيعة لبنان العاملون في الكويت والدول الخليجية ممن لا يتعاطفون بالضرورة مع “حزب الله”، وبخاصة تدخله في الحرب بسورية، أو تبنيه مبدأ ولاية الفقيه، أو سياساته المعادية للمملكة العربية السعودية ومجلس التعاون.
 مرة أخرى نناشد عقلاء الشيعة والمتخوفين من مخاطر الارتباط بحزب الله وتبني مقولاته، بعد كل هذه الأخطاء والانزلاقات والمغامرات، أن يبلوروا موقفهم ويدرسوا القضية بعمق.
آن الأوان حقا أن يكسر الشيعة حاجز الانطواء والسلبية والتجاهل، وكأن ليس في الكويت من هو أشدّ، حماسا لحزب الله من بعض قادته!