كتاب سبر

حمد.. أسيل وصالح.. والفيل

المقال السابق الذي تحدثنا فيه عن “فيل” الدائرة الثالثة الذي كبر وتمدد وانتشر حتى كسر بيت التيار الليبرالي و”الحضري” في الدائرة جذب الكثير من الردود ما بين موافق ومؤيد ورافض ومعارض، وهذا أمر متوقع في مثل هذه المقالات التي تحتمل رأياً تحليلياً لنتائج معلنة، وتظل القراءة أو التحليل وجهة نظر للكاتب وتأتي من الزاوية التي يرى فيها المشهد بإطاره العام.
من بين الردود التي اجتذبها المقال السابق، مقالاً كتبه الزميل حمد في مدونته (صندوق حمد) رد فيه على ما ذكرناه عن تهاون وتقاعس ومجاملة التيار الوطني في الدائرة لهذا الطرح العنصري الفئوي حتى تمدد وقلب الموازين التي قادت إلى أن يدفع التيار نفسه الثمن عبر صناديق انتخابات 2012. 
الزميل حمد يرى بأنني قسوت على نواب كتلة العمل الوطني السابقين، وأن الموضوع أكبر من كتلة العمل الوطني لأنه نتاج لأرضية خصبة استصلحتها السلطة على مدى سنوات وبذرت ثمارها فأتت أكلها. وأنا إذ أتفق مع الزميل حمد في مسؤولية السلطة ودورها الذي لا نجادل فيه، بل وفي حمايتها لأدواته، لكنني أرى بأن السلطة التي فشلت في كثير من أجنداتها الخاصة الخيرة والشريرة لم تكن لتنجح لو أن التهاون والتراخي من قبل المعنيين بالأمر لم يوفر المناخ المناسب لهذه الأدوات لكي تصل إلى أهدافها. 
ودعني أعيد استخدام استجواب النائب علي الدقباسي لوزير الإعلام السابق مثالاً مرة أخرى لأنه أقرب نقطة احتكاك برلمانية مع موضوع “الفيل” وقناته المؤبوءة، وتبريرك لرفض نواب العمل الوطني دعم الاستجواب تحت عذر (التمسك بمبدأ حرية التعبير وتحرير وسائل الإعلام) يتعارض مع انقسام أعضائها حيال طلب طرح الثقة عندما قدم ضد الوزير، حيث صوت الغانم والملا مع الطلب وعارضه البقية، فأي من الفريقين كان متمسكاً بمبدأ حرية التعبير وأي منهما كان ضده؟!  كما أن الاستجواب قدم على خلفية محورين واضحين، الأول كان التقاعس عن تعيين مدققين ماليين للرقابة على أوجه تمويل هذه القنوات المشبوهة، والثاني كان حول عدم تطبيق قانون المرئي والمسموع على قنوات مخالفة للقانون الذي رخصت على أساسها وأهم هذه المخالفات عدم تعيين مدير جامعي لإحدى هذه القنوات لعدة سنوات مما يؤكد التواطؤ الحكومي معها.
لو أن نواب العمل الوطني الثلاثة الذين توزعوا ما بين معارض وممتنع صوتوا مع طلب طرح الثقة لخرج الوزير المتخاذل ولأتى بعده من يفرض على هذه القنوات المشبوهة التدقيق والقانون ولانخفضت فائدتها لمن يستخدمها ولما كانت هذه القنوات أدوات استخدمت لحشد التأييد لمن حصد كراسي العمل الوطني في الدائرة الثالثة، ولما دفع العمل الوطني ثمن مجاملته وتقاعسه عن محاربة “الفيل” وفكره.
ولو أن مرشحي العمل الوطني في الدائرة الثالثة لم يلجأوا إلى استخدام تكتيك الهجوم على المعارضة خلال حملتهم الانتخابية بدلاً من انتقاد الفساد الحكومي الذي جعل من أمثال “الفيل” وزميله منافسين في دائرة الفكر، لما تعاظم دورهم، لأن أسيل وصالح وبوشهري وجدوا أنفسهم في ميدان ليست لهم اليد الطولى فيه.
رمي العتب وتحميل الخطأ على ظهر السلطة أمر سهل ويسير ومريح للبال والتفكير، أعلم ذلك، لكن السلطة التي فشلت في كل شيء لم تكن لتنجح لولا أن الأرضية كانت “صديقة” و”مساعدة” ولم تجد فيها أية “مقاومة”. 
السلطة وحكوماتها الفاشلة لا نتوقع لها التغيير في القريب المنظور، لذلك فعلى العمل الوطني ومرشحيه القادمين العمل منذ الآن لجعل الدائرة “عدوة” و”رافضة” و”مقاومة” لكل طرح فئوي وعنصري، وأن كنت أشك في قدرتهم على ذلك للأسف، فقد كبر “الفيل” وأصبح أكبر من إمكانياتهم.
سعود عبدالعزيز العصفور
Twitter: @SaudAlasfoor

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.