الليبراليون .. فقدوا توازنهم
عبدالعزيز الكندري
الليبرالية حسب التعريف المكتوب في موسوعة «ويكيبيديا» أنها أتت من (ليبرالس) اللاتينية وتعني «حر» وهي مذهب سياسي أو حركة وعي اجتماعي، تقوم على قيمتي الحرية والمساواة وتختلف تفسيرات الليبراليين لهذين المفهومين وينعكس ذلك على توجهاتهم، ولكن عموم الليبراليين يدعون في المجمل إلى دستورية الدولة، والديموقراطية، والانتخابات الحرة والعادلة، وحقوق الإنسان، وحرية الاعتقاد.
كما ظهر بالعصر الحديث بعض الحركات الإسلامية التي تتبنى الفكر الليبرالي ولكن بمرجعية اسلامية كالحركات الموجودة في المغرب العربي على سبيل المثال، وتنادي بقيم الحرية وحقوق الإنسان والمساواة والعدالة، والموضع في هذا الجانب يتشعب ويطول حيث يرى البعض أن كل القيم الموجودة أصلا بالحياة الديمقراطية الحديثة هي قيم اسلامية أصيلة.
ولكن الملفت وغير متوقع هو سلوك غالبية الليبراليين بالعالم العربي، حيث أن نتائج الديمقراطية إذا جاءت ضد رغباتهم فهذا يعد تآمر من الغرب عليهم، وهم يقفون ضد الحرية والتعددية إذا المجتمع لم يختارهم، والحالة المصرية والخليجية خير مثال على ذلك خاصة بعد نتائج الربيع العربي الذي لم يتوقف حتى الآن ولا ندري أين سينتهي.
حيث ذكرت المجلة الأميركية «فورين بوليسي» والمتخصصة بالشؤون السياسية، ان الليبراليين المصريين خسروا على نحو سيئ في التدافع على السلطة في مرحلة ما بعد الثورة، ويمرون حاليا بحالة إنكار عميق، حتى أن العديد منهم يتبنى نظريات مؤامرة بشأن نوايا الولايات المتحدة.
أما تركي الدخيل فذكر في مقاله المنشور في صحيفة الاتحاد يوم الثلاثاء 31 يوليو 2012 حيث قال: يلتقي الأصوليون مع الولايات المتحدة في نظرتها للمنطقة من ناحية الإصرار على الديموقراطية بوصفها الحل الاجتماعي والسياسي، لأن الأصولي يدرك أن مجيء الديموقراطية تعني وصوله هو إلى سدة الحكم. غير أن أميركا التي تقبلت النموذج الديموقراطي «الإسلاموي» لم تستوعب أن الأنظمة في الخليج هي أيضا لها بصمتها الخاصة، ليست استبدادية لكنها ليست ديموقراطية، وإنما تنموية.
مشكلة الليبراليين والنخب بالعالم العربي اليوم أن لديهم مشكلة كبيرة بين النظرية والتطبيق، هم يريدون الديموقراطية ولكن لايريدون وصول محمد مرسي أو خصومهم للرئاسة والبرلمان، ولعل من الليبراليين القلائل الذين كانت لديهم موضوعية في طرح وتقبل نتائج الديموقراطية هو الكاتب عبدالرحمن الراشد حين قال: أعرف أن الجدل حول فوز الإخوان المسلمين في مصر أخذ حيزا كبيرا من نقاشاتنا، وهذا طبيعي بحكم أهمية الحدث الانقلابي التاريخي، ليس لمصر وحدها بل للمنطقة، لدلالاته السياسية، وإرهاصاته الحالية واللاحقة المحتملة. مثلا، كشف فوزهم هشاشة الفهم الثقافي في المحيط العربي للديموقراطية، روعتهم النتيجة في مصر، وقبلها تونس، فكانت امتحانا أوضح لنا الفارق الكبير بين النظرية والتطبيق. أما بالكويت فأعتقد بأنه ليس لدينا ليبرالية أصلا، ولكن هناك أصحاب مصالح وأهواء خاصة لا يختلفون كثيرا عن الباقين، ولكن ما يميزهم هو استغلال المواقف من خلال زيادة أرصدة ومناقصات وتعيين الوكلاء والقياديين في الدولة، وأصبحوا آلة وأداة بيد السلطة تستخدمهم متى تشاء بعد أن كانوا يقودون في السابق.
أضف تعليق