تعتبر سوريا أكثر بلد عربي يضم في مكوناته المجتمعية هذا الكم من الأديان والطوائف والأقليات، إذ يعيش فيه المسلمون والمسيحيون واليهود، إضافة الى العديد من الأقليات التي هاجرت من مواطنها الأصلية قبل قرون، وسكنت مدن سورية عدة، إذ جاء الدستور السوري منظما لهذه المسألة، حيث تنص المادة الثانية والأربعين من الدستور السوري على أن الحفاظ على الوحدة الوطنية واجب على كل مواطن، وفي الواقع لم تشهد سوريا في تاريخها الحديث اشتباكات أو صراعات على خلفيات دينية أو مذهبية على عكس العديد من البلدان المجاورة كمصر والعراق ولبنان وإيران.
كذلك فإن المادة الخامسة والثلاثين من الدستور كفلت حرية قيام جميع الطوائف والمذاهب بطقوسها وتأسيس دور عبادتها الخاصة، وقد كفلت المادة نفسها حق الحرية الدينية للمواطنين، غير أن قانون الأحوال الشخصية عاد فقيّد هذا الحق من ناحية زواج المسلمة بغير المسلم ومن ناحية بقاء أولاد المسلم الذي اعتنق دينًا آخر على الإسلام حتى لو ولدوا من زواج لاحق لتغيير دينه.
وفي ضوء هذا تعتبر سوريا بلدًا متنوعًا طائفيًا، يضم:
74% من المواطنين من المسلمين المنتمين إلى المذهب السنّي.
16% من سائر الطوائف الإسلامية خصوصاً الشيعة والعلوية (التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد) والدروز والإسماعيلية.
11% نسبة المسيحيين، حوالي نصفهم من الروم الأرثوذكس في حين أن سائر الطوائف تشكل النصف الآخر، حيث كانت نسبة المسيحيين في سوريا أواخر الحكم العثماني 25% من مجموع السكان غير أن انخفاضها يعود بسبب رئيسي للهجرة التي تمت خلال تلك المرحلة وكانت نسبتها مرتفعة لدى المسيحيين أكثر من سائر الطوائف.
والى جانب ذلك تحوي سوريا أقل من ألف مواطن من أتباع الديانة اليهودية في دمشق وحلب والقامشلي، كانت أعدادهم أكبر في السابق حتى وصلت إلى ثلاثين ألفًا عام 1954 غير أنها انخفضت بنتيجة المناخ الشعبي خصوصًا إثر حربي 1948 و1967، كما تحوي على بضعة آلاف من اليزيديين.
أما بالنسبة لقوانين الأحوال الشخصية، فلا يوجد قانون أحوال شخصية موحد إنما هناك مجموعة قوانين شخصية لكل طائفة من الطوائف توافق أحكام شرعها، وهو ما يثير جدلاً قانونيًا في البلاد كون البعض يراه مخالفًا للفقرة الثالثة من المادة الخامسة والعشرين في الدستور التي تنص على كون جميع المواطنين متساوين أمام القانون، وتطالب عدد من الأحزاب والحركات المدنية بسن قانون للأحوال الشخصية لا يلتفت إلى القواعد الدينية ويشرّع الزواج المدني في البلاد، فيما المادة الثالثة من الدستور السوري أوضحت أن دين رئيس الجمهورية يجب أن يكون الإسلام، كما نصت على اعتبار الفقه الإسلامي أحد مصادر التشريع الرئيسية.
مواقع مهمة
الحزب الحاكم في سوريا هو حزب البعث العربي الاشتراكي الذي جاء على السلطة مع إنقلاب عسكري تزعمه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، الذي شكل تآلفًا مع ثمانية أحزاب أخرى أبرزها الحزب الشيوعي السوري والحزب السوري القومي الاجتماعي والوحدويون الاشتراكيون، تحت إسم الجبهة الوطنية التقدمية ولها ثلثي مقاعد البرلمان، إذ أسهم هذا الحزب عبر هيمنته على القرارات الكبرى في البلاد على الإستئثار بالمواقع القيادية الهامة في السلطة والجيش والإقتصاد، فيما تهيمن من جهتها هي الأخرى الطائفة الشيعية (العلوية) الحاكمة على سائر مجالات وحقول العمل، مقصية بذلك المكون الإجتماعي الأكبر في سوريا وهم أتباع الطائفة السنية، إذ يتولى الرئيس بشار الأسد السلطة الى جانب أعلى منصب قيادي في حزب البعث والقوات المسلحة، يليه في القوة شقيقه اللواء ماهر الأسد القائد العام لقوات الحرس الجمهوري وهي أكثر وحدات سوريا من حيث التجهيز العسكري، ثم يأتي بعد ذلك في القوة والنفوذ زوج شقيقتهما أصف شوكت الذي يرأس بشكل مطلق جميع أجهزة الإستخبارات السورية، وتردد مرارا أنه وضع تحت الإقامة الجبرية وأقيل من مناصبه إلا أن ظهور شوكت في مهام خاصة وسرية ظل يبدد تقارير تتحدث عن إقصائه.
ومنذ فترة وجيزة شكلت حكومة جديدة برئاسة الخبير الزراعي عادل سفر إلا أنه أجبر على إبقاء وزير الخارجية وليد المعلم إضافة الى وزير الدفاع علي حبيب الذي كان الى وقت قصير رئيسا عاما لهيئة الأركان المشتركة، فيما يشغل منصب النائب الأول للرئيس السوري وزير الخارجية السابق فاروق الشرع اليد اليمنى للرئيس الراحل حافظ الأسد، فيما عين الأسد قبل سنوات نائبة شكلية له هي نجاح العطار التي شغلت منصب وزير الثقافة لأكثر من عقد ونصف العقد.
أضف تعليق