كتاب سبر

أسرج لها الثورة

الفاتحة والقرآن كله على روحك يا محمد الماغوط، أيها العربي، كتبت “سأخون وطني” مهدداً بقلم وسين لا سكين، فلستَ خائناً بالفطرة تستلم أصول المهنة من أبيك وجدك لتسلمها لابنك وحفيدك، وكأنها سباق تتابع، ولا خائناً بالعمالة تلعب بك الأعطيات كما يتلاعب الهواء بالذبابة مهما حاولَتْ مقاومته أو مساومته، ولكنك مشروع خائن لوطن كاذبٍ تم تزويره وتدويره بين الطغاة.

أيها الأموي أمثالك لا يعرفون عن الخيانة إلا مقدار ما يعرفه مذيعو الردح عن الفرق بين سين وسوف وكان، فلا تدري أنت هل هي إنسان، أم حيوان، أم مستوطنة على ضفة، أم معاهدة على تسليم وطن، أم فعل ابتداء، أم فعل جزاء، وهل هي مستوردة أم محلية مغشوشة، بعض العتاة أخبروك أنها صرخة. 

أيها الحموي كتبت فكنت سوراً باطنه رحمة، وظاهره العذاب الأليم، أيها الدموي نواعير حماة في قلبك كمسننات الساعة تدور، و بالدم تفور “إنّ الحياة دقائق وثواني”، وفي حشاشته حلب الشهباء بقلاعها وحصونها وحسانها تتربع كالعروس، وفي الزوايا الوطن العربي كله من خليجه “الحائر” إلى محيطه “الخائر”، فأين تسكن الخيانة أين؟!. 

قم أيها المفكر… بالخيانة من قبرك، وانظر كيف تحول بائع خضرة إلى خائن ملتهب، لم يعتزم الخيانة كما فعلت أنت، أو يعزمها في سرداب، بل حرق نفسه في الشارع “كرمال عيون الخونة”، ولعيون وطن كان أخضرَ، ثم صار أصفرَ كما الحشيشة، ثم رجع به أخضرَ كما كان، ومعه جموع كانت ميتة فبعثها الله عن بكرة أبيها وجميع نياقه.

قم وانفض التراب عن صلعتك، وخذ نظارتك بيمينك الخائنة، وشاهد كيف تحول المصريون كلهم إلى خونة، واشهد لهم وهم يتوضؤون وضوء التائب من الذنب، فيمسحون رؤوسهم من حزب حملوه، ويغسلون أرجلهم لما وطئوه، إلى الكعبين بل الركبتين بل الحقوين، وقريباً سيقومون بحملة مثل حملة اجتثاث البعث، اسمها اجتثاث الوطني.

يا ماغوط يا مسربلاً بكفنٍ معطراً بالحنوط، يا ميت يا مبيتاً للخيانة، الوطن العربي صار فوضى وامتلأ بالخونة، حتى المساجين أطلقوا سراح أنفسهم، واليمنيون رموا القات جانباً وخانوا، والليبيون تذكروا جداً حقيقياً اسمه المختار فخانوا هذا الأونطة الذي أذلهم وآباءهم لنصف قرن.. العرب أصابهم ما يشبه جنون البقر، إنه جنون العرب الذي أخرجهم إلى الشوارع يختانون أنفسهم، ويقتلون ما بقي فيهم من مواطنة، ويعاير بعضهم البعض إنك امرؤ فيك وطنية، ولا تسأل عن الوطنيين أهل الحل والعقد والعُقد .. الثقلاء، العقلاء، البخلاء بما يملكون وما لا يملكون.. فقد قاموا يتفتفون كسيارة دفت من علٍ، ويختفون كنجوم هجم الصبح عليها بعد ليلة حمقاء لا قمر فيها ولا ضوء، رحمك الله علمتنا كيف نفكر بالخيانة، ولكننا باشرنا الفعل فوراً، فنحن أمة لا تفكر.

أيها المفكر… بالخيانة، أيها الحالمْ، أيها المسالمْ، انظر كيف يقتص مظلومٌ من الظالمْ.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.