كتاب سبر

ونِعْــمَ الوكيل

إلغاء نظام الكفيل للعمالة في الكويت موضوع شغل جماعات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية وأصبح تطبيقه وشيكاً مما يشكل خطوة نحو تطور ممتاز في التشريعات. ولقد فرحت أيما فرح للعاملة المنزلية لدي (جولييت)، وبقدر ما أنا سعيدة من أجل جولييت الفلبينية ذات التسعة والعشرين ربيعاً بقدر ما أشعر بالخجل تجاه شركات مثل جنرال موتورز و مايكروسوفت  و كاتربيلر و باناسونيك التي لا تستطيع أن تعمل في الكويت إلا من خلال وكيل (كفيل) كويتي وعزومه قوية رغم أن ميزانياتها تفوق ميزانية دولة الكويت . 

بدأ موضوع الوكالات التجارية في الخمسينات من القرن الماضي حين اقتسم التجار (المفتحين باللبن) آنذاك بينهم أهم الوكالات التجارية العالمية ، بينما حين تعاركوا وتقاتلوا على وكالات الخمور في حقبة لاحقة ولم يحسموا أمرهم، تم منع الخمور درءاً للفتن فلله الحمد والمنّة من قبل ومن بعد ، وربَّ ضارةٍ نافعة.

في الستينات ومع تحوّل الكويت إلى دولة دستورية وعند إعداد وصياغة قوانين مثل قانون الشركات وغيره بثّ التجار (من دعاة تشجيع القطاع الخاص) مخاوفاً إلى السلطة آنذاك من أن دخول الشركات العالمية الكبرى وخروجها من السوق الكويتي دون بوّاب كويتي متعافي قد يضر بالبلاد والعباد في حال هربت تلك الشركات بأموال الكويتيين مثلاً ! كما ناقش بعض الطيبين فكرة إنسانية هي إعطاء التاجر الكويتي الفقير المسكين فرصة ليقف على رجليه من خلال وكالة تجارية عالمية ويا الله ارزقني وارزق مني.

 القصة إلى هذا الحد لطيفة وخفيفة وظريفة ، ولكن مع انفتاح الأسواق في العالم وإلغاء الحدود التجارية بين الدول وإبرام اتفاقية التجارة الدولية  ، أصبح إلغاء القيود التجارية والمساواة بين الشركات العالمية والمحلية أمر حتمي بما فيه إلغاء نظام الوكيل الذي بات الدفاع عنه سخيفاً في ظل المتغيرات العصرية.

ولقد يقول قائل ، لا يوجد ما يمنع من دخول الشركات العالمية للكويت ، فعلاً ، ولكن ليعلم هذا القائل بأن هذه الشركات ستخضع لاحقا لمعاملة تمييزية مجحفة ، فشركة مثل جنرال إليكتريك إن قررت دخول السوق الكويتي بنفسها فستدفع ضرائب مرتفعةً  ولكن إن قررت البحث عن ابن حلال تدخل تحت بشته المبخّر فأنها لن تدفع شيئاً بتاتاً إلا المقسوم لابن الحلال.. عليه بالعافية.

المفارقة أن التاجر الكويتي المسكين الذي أرادت له السلطة أن يقف على رجليه أصبح يقف على رأس أسواق أجنبية في آسيا وأفريقيا دون أن يُطلب منه أن يمارس نشاطه هناك من خلال وكيل (كفيل) محلي ومع ذلك لا يزال يسترزق من خلال وكالات لشركات متعددة الجنسيات تدخل عن طريقه إلى السوق المحلي في عالم ألغيت فيه الحدود.. وضع مخجل.

نعم ، المجاميع التجارية المتنفذة لا تزال تلعب بقوانين البلاد كما يتوافق ومصالحها  إلا أن القوى الشبابية المعارضة ستوقف ذلك قريباً…هذا ما وشوشته لي الجنيّات الطيبات.

ختامها شعر

جَنى عَلَينا عُصبَةٌ جازَفوا 

 فَحَسبُنا اللَهُ وَنِعمَ الوَكيل

أحمد شوقي

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.