كتاب سبر

الملا وهجير الذم

الفلسفة الأميركية في التربية والتعليم  تتميز بسعيها نحو ترسيخ الثقة لدى الطفل وتجنُّب جلد الذات والشعور بالذنب . حدثتني معلمة ابني ( أبلة سالي ) فقالت : ناصر اتخذ قرارا غير صائب اليوم بأن فعل كذا ، ولقد تحدثت معه حول الموضوع واتفقنا أنه سيتخذ قرارا أصوب في المرات القادمة ، استغربت من أسلوب المعلمة فأنا خريجة مدارس حكومية حيث ما أن كنت أخطئ حتى تقول معلمتي  بأنها تشعر بخيبة ظن هائلة  لأنها لم تتوقع مني مثل هذا التصرف وتولول وتشد شعرها وتشق جيبها وتردد المقولة العنصرية “غلطة الشاطر بألف” ولا تتوقف عن حفلة اللوم حتى تتأكد من أنني تناولت جرعة زائدة من عقدة الذنب تكفيني العمر كله.


شكرت المعلمة اللبيبة على انتقائها للألفاظ وأبديت لها بأنني تعلمت منها اليوم درساً عظيماً ، فأكدّت أنه لا يجب أن نقول للولد أنه سيء أو أن فعله سيء بل الأنسب أن نقول له أن قراره  سيء وبذلك نترك مسافة بينه وبين هذا الحدث لأنه مجرد قرار ويمكنه تغييره بسهولة.


انبهرت بالفكرة وأصبح هذا نهجي الجديد ليس مع ولدي فحسب بل أظن أنه نهج يستحسن استخدامه حتى مع السياسيين ، فنحن نعاملهم بطريقة مجحفة نمتدحهم حتى نرفعهم لسابع سماء ثم ننزل بهم إلى لب الأرض فنصهرهم بدرجات حرارة مرتفعة من الذم يقف عندها السياسي مصاباً  باختلال لا يعرف هل هو ذلك البطل المغوار ؟ أم الجبان العيار ؟ والحقيقة أنه لا هذا ولا ذاك. 


صالح الملا نال من المدح المستحق حين استجوب رئيس الوزراء في ديسمبر من العام الماضي ما فاضت به خزائنه آنذاك، إلا أنه نال ذماًّ متسرعاً يعادله إبان مشاركة العنجري في استجواب السعدون لدولة الرئيس، هذا وقد ذمّ الملا من مدحه قبل بضعة أشهر في حين أنه صرح لاحقاً بأنه داعم للاستجواب .  


يكفينا اختلال حكومتنا المتراخية لذا فلنحافظ على السلامة العقلية لنوابنا بأن لا ننقلهم من نسائم المديح إلى هجير الذم بسرعة فيصابون بنزلة أنفلونزا الارتباك.  هذا وبتطبيق نصيحة (أبلة سالي) أقول للعنجري : لقد اتخذت قرارا صائبا بالمشاركة في استجواب السعدون للمحمد ، وأقول للملا : قرارك بدعم الاستجواب هو قرار صائب ، أما للتكتل الوطني فأقول: قراركم بتأسيس التجمع غير صائب ويستحسن أن تراجعوا ما يجمعكم ، وأخيراً أقول للصرعاوي : “ويهك للطوفة !!!”  للأسف لم أستطع أن أطبق نصيحة المعلمة عليه ، ولكن هذا لا يمنعني من المحاولة وفي قت آخر .


ختامها شعر


البارحة والقلوب أصحاب 


                      كنت القمر وأنت تمدحني


واليوم لي مخلبين وناب


                      ومشاهد الدم يفرحني


كذّاب هذا المدح كذّاب 


                    وكذّاب ذمِّ يجرحني 


الأمير بدر بن عبد المحسن


Twitter @walladah



أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.