كتاب سبر

ناتنياهو وحفلة التصفيق

الخطاب السياسي لايأتي عشوائياً ولكن يكون إفرازا لعمل شاق وفريق عمل يعرف كيفية اختيار المُصطلح وتوقيته وتطويعية لخدمة الهدف، فعندما يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمام الكونجرس الأمريكي يجب أن يُؤخذ خطابه على محامل عدة وفي اتجاهات مختلفة، فهو ليس بالضرورة يتحدث بشكل مباشر لأعضاء الكونجرس ولكن خطابه كان موجهاً للداخل ولوضعه الانتخابي ووضع حزب الليكود الإسرائيلي وأيضاً للفلسطينيين. تحدث اليوم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو وخطب خطبة تاريخية أسمتها صحيفة هاآرتس الاسرائيلية بأنه خطاب حياته، ففرصة التحدث أمام الكونجرس الأمريكي هي فرصة لا يحظى بها الكثيرون.

لن أتطرق بهذه المقالة لما تضمنه الخطاب لأنه خطاب مُعاد، ولكن مايلفت الانتباه هو الحفاوة التي حظى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي وحفلة التصفيق الغير مسبوقة، ومن يتابع الخطاب يجد أنه كان مجرد تصفيق لكل شيء وعلى أي شيء. إن هذه الخطابات هي مجرد خطابات بروتوكولية شكلية ولا تأتي بشيء جديد غير متفق عليه مسبقاً عليه مع مجلس رئاسة الكونجرس، لذلك فهذا الخطاب هو فقط لإظهار التأييد لتوجه الخط السياسي في واشنطن ومن أمامه وخلفه اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأمريكية.

إن مايحكم العالم الآن هو المصلحة المجردة سواء على المستوى الفردي أو المستوى الدولي، فكل دولة وكل جماعة تسعى لمصالحها من خلال وجود رؤى وأجندات وأهداف، وهذا ينسحب أيضاً على الدول، ولكن أين نحن كدول عربية من اللعبة السياسية الدولية؟ ولماذا لا نجد مثلا مصرباك أو كويتباك أو سعوديه باك  أو قطرباك تيمناً بآي باك الصهيونية في الولايات المتحدة؟ 

السؤال الذي أطرحه هو لماذا لا نلعب نحن العرب لعبة السياسة الناعمة، والضغط على الدول الغربية من خلال اللوبيات والشخصيات المؤثرة الفاعلة على مستوى الوطن العربي؟. من المعروف والمُسلم به أن اللعبة السياسية هي بالأساس لعبة مصالح ومال وإعلام، فلقد استغلت اللوبيات الإسرائيلية عنصر الضغط المصلحي ودعم الانتخابات في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية لتمرير سياساتها، وهو حق بشري بالوجود، فبغض النظر عن الموقف الوطني والقومي من إسرائيل إلا أنها دولة تعمل لمصالحها وتستنفذ كل طريقة مشروعة وغير مشروعة لتحقيق مصالحها في المنطقة. إن هذه الدولة الصغيرة والتي يحيط بها عدوها من أربعة جهات استطاعت أن تكون عمقا تكتيكيا واستراتيجيا لدول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بفضل تحركاتها المدروسة والمدعومة من لوبيات ذات رؤى واضحة وهدف مدروس. وتستطيع أن تؤثر على السياسة الدولية من خلال مؤساساتها النشطة في الخارج. ولكن هل نملك نحن العرب أية فرصة لنمارس قليل من هذا الدور في الدول الغربية؟ 

إن أول اللوم يقع على السفارات العربية والملحقيات الثقافية والتجارية لعدم وجود رؤية وتوجه للتغلغل النفعي في الدول الغربية والتقوقع داخل مباني السفارات والاكتفاء بالحفلات البروتوكولية والشكلية وعدم استغلال التواجد الدبلوماسي بإنشاء لوبيات والتواصل مع المجتمع الغربي، وكذلك عدم وجود مؤسسات خيرية غير دينية لجذب الشخصيات المؤثرة في المجتمعات الغربية، فكيف يفهمنا السياسي الغربي إن لم تكن هنالك لقاءات شفافة وندوات وفعاليات تجمعنا مع هذه الشخصيات والجمعيات. بالإضافة إلى عدم دعم الحملات الانتخابية في الدول المؤثرة، بينما ندعم أندية رياضية ومضامير سباق الخيل !!!

 أما الجانب الإعلامي وهو أساس اللعبة السياسية واللاعب الرئيس بتغيير وجة نظر الرأي العام فهو في خبر لم يكن وليس كان، فهذا الجانب المهم مُختطف من قبل اللوبيات الإسرائيلية وتتحكم به الآلة الإعلامية الإسرائيلية بشكل قطعي، وإن كانت محطة الجزيرة تسعى لخلق رأي عام فهي لازالت تحبو ولا تملك رؤية واضحة فهي في نزاع بين تيار منفتح وبين تيار إسلامي منكفىء يتبع أجندة حزبية ذات رؤية محلية لاتربو إلى مستوى الطموح . 

إن من أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي كل هذا الإرتياح والثقة وهو يتحدث للشعب الأمريكي والإسرائيلي والعربي من خلال الكونجرس الأمريكي هو نتيجة عمل وتخطيط اللوبيات الإسرائيلية وليس قدرته الشخصية أو الحزبية، وأجزم أن لحديثه التأثير الكبير بتكوين الرأي العام الأمريكي لأنه يسمع من جهة واحدة بغياب الصوت العربي المخنوق ذاتياً.

http://twitter.com/#!/HassanAlfadli

[email protected]

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.