كتاب سبر

فجورها… وتقواها!!

كنت تساءلت في المقالة السابقة:

(ما الأشياء الصغيرة التي تمس الناس مباشرة وعلينا الالتفات إليها لتكون مفتاح التغيير الكبير..)

انك مثلك مثل غيرك في هذه الأمة الحزينة… يحرق قلبك ما نتعرض له.

تود لو أنك حاربت الطغاة من الحكام..

تحبّ لو أخرجت كل المرتزقة.

ياليتك تقدر أن تهزم  كل الأعداء مهما كانت أشكالهم وألوانهم: الواضحون  منهم والمختبئون… الذين يظهرون بصورة العدو والذين يلبسون ثياب الأصدقاء.

الذين يحاربونك في دينك، أو في رزقك، أو في وطنك، وهويتك ، وقبيلتك، وقوميتك، وطائفتك، ووظيفتك… وفكرك..

كل هؤلاء أعداء،  من حقك أن تحارب كل منهم  بالشكل الذي يناسبه.. بالسياسة، بالفكر، بالإقناع،  بالالتفاف، بالتحييد، بالمواجهة…

 أليس لكل عدو مقتل؟

لكن لا تحارب الجميع مرة واحدة… فمن الغباء أن تفعل ذلك… لأنك ساعتئذ (لن  تعرف من هو طقّـاقك)!! 

هناك مبغضون عليك أن تضعهم على أجندة الانتظار

حسنا… من المهم إذن أن ترتب أعداءك… توزعهم وفق الأولويات، وتبدأ بتكسير رؤوسهم الواحد تلو الآخر…!!

ولا بد أن تحسب حساب الوقت الطويل الذي ستحتاجه في هذه الحرب… لكي تتمتع بالرحلة وتترك لنفسك القيادة معا!!

أذكرك الآن بمقولة: (المهزوم من هزمته نفسه)

وأسألك: من هو عدوّك الأول؟

هل هو اسرائيل مثلا؟

هل هو الشيطان..؟

هل هم أعداء الحرية؟

هل هو الخمر…؟

 أم البنات؟

(فكر قليلا… وحدّد عدوك الأول..)

………

هاه… هل عرفته؟

… أقول لك…؟!

إنه: “نفسك”!

عدوك القديم… بل العدو الأول للإنسان… والتي سمحت بإراقة دمه.

النفس… صاحبة الجريمة الأولى في تاريخ البشرية!

عندما قتل قابيل أخاه هابيل.. كانت النفس هي الدافع والمشجع الأول على الجريمة 

فلم يقل رب العزة: فطوّع له الشيطان…

بل قال: (فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين)

النفس الأمارة بالشر.. كانت هناك!! 

حتى في عبادة بني اسرائيل للعجل… قال تعالى على لسان السامري: (وكذلك سولت لي نفسي)

شيء مضحك أن يعبد الإنسان عجلاً

سولت له نفسه… فأطاعها!

إذن، خط المواجهة الأول سيكون مع نفسك… عدوك العنيد

هل كنت  تعرف أن عدوك يسكن فيك… ويتلبسك؟!

هل تعرف أن نفسك هي أخطر وأشرس عدو…؟

كان الأوائل يقولون لمن جاءوا من الثغور:(مرحبا بكم… جئتم من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأكبر).. يقصدون جهاد النفس.

إذن… سنبدأ من اليوم في فتح محضر طويل مع هذا العدو العنيد..

قال ابن القيم:

إن في النفس كِبر إبليس ، وحسد قابيل . وعتو عاد ، وطغيان ثمود ، وجرأة نمرود . واستطالة فرعون ، وبغي قــارون ، وجهل أبي جهل ، وحرص الغراب . ودناءة الجُعل ، وعقوق الضب . وحقد الجمل ، ووثوب الفهـــد . وصولــة الأسد ، وخبث الحيــة ، وعبث القرد . ومكر الثعلــب . ونـــوم الضبــع . غير أن الرياضة والمجاهدة تُذهب ذلك.. فمن استرسل مع طبعه فهو من هذا الجند ،  لا تصلح سلعته لعقد: ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم..)

……

تعال معي في رحلة أحاول معك أن نتحاكم فيها مع أنفسنا: 

نلاحق مراوغاتها ، نبحث في شهواتها، ضعفها ، سوئها ، حسدها، غيرتها، 

وأيضا: علوّها، طيبتها، همّتها، همّها، جمالياتها … ونبدأ قليلا قليلا بتحريكها من منطقة الظلام.. إلى منطقة النور… كي تكون جديرا بشرف التوقيع على العقد الذي تبيع بموجبه سلعتك إلى ربك… وتقبض الثمن المجز..

(يتبع….)

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.