الزميل محمد الوشيحي، ناشر جريدة ((سبر)) الالكترونية، يكتب أولى مقالاته الخاصة بجريدة ((سبر)) بعنوان “صبخة الرئيس”..
صبخة الرئيس
عندما “تغرّز السيارة”، أي تعلق في الرمال، فإن إحدى الطرق الناجعة لإخراجها هي “الحلحلة والمرجحة”، إذ يحلحل السائق سيارته إلى الأمام ثم إلى الخلف، وإلى الأمام وإلى الخلف، وإلى الأمام وإلى الخلف، في مسافات قصيرة جداً، حتى يمهّد لها الطريق، وتطول المسافة الممهدة شيئاً فشيئاً إلى أن يحصل على المسافة الكافية، حينها يتراجع السائق بسيارته إلى آخر نقطة ممهدة في الخلف ثم ينطلق بأقصى سرعته فتخرج من “تغريزتها”.
ومخطئ من يظن أن المسيرات والتجمعات فقدت قيمتها، مخطئ بالثلاث، فالمثل يقول: “إن لقحت وإلا ما ضرها الجمل، أو الفحل”، وعذراً لغير الخليجيين، فالمثل هذا يُقال ولا يُشرح، وكريم العين سيدرك بعينه السليمة أن تتالي المسيرات والتجمعات هو في حقيقته حلحلة ومرجحة للسيارة، مرة إلى الأمام ومرة إلى الخلف، مرة 20 محتجاً احتشدوا، فضحك رئيس الحكومة وفداويته عليهم، وفي المرة الثانية احتشد 500 فاكتفى سموّه بابتسامة من خلف اللثام، وفي الثالثة احتشد 1000 محتج فاختفت الابتسامة، وفي الرابعة 3000 آلاف فبدا التجهم على وجه سموّه، ووو، والعجلة تدور، والمسافة الممهدة تحت السيارة تطول، وقريباً ستتراجع السيارة إلى آخر نقطة ممهدة قبل الانطلاق السريع.
على أن استفزاز فداوية الرئيس وشتائمهم ستساهم في جلب ألواح الخشب التي توضع تحت السيارة لتسهّل مهمتها، وسترفع عدد المحتجين على بقاء الرئيس إلى 20 ألف محتج وغاضب.
ووالله لم أزعل كما زعلت عندما أقيل وزير الداخلية السابق جابر الخالد، وبالتزامن صدرت الأوامر بإبعاد جليسه بو جعل (القبّان باللغة الفصحى) وكتم صوته.. يومذاك ضربت كف الحسرة بالكف الآخر وعضضت شفتي السفلى وأغمضت عينيّ وأنا أتمتم للأصدقاء: “آخ.. كانت القِدر على وشك الغليان ونسف الغطاء وإسقاط رئيس الوزراء وتغيّر المعادلة! كان جابر الخالد وجليسه يرفعان درجة حرارة الفرن، وبخروجهما، أو طردهما وإسكاتهما، ستنخفض درجة الحرارة.. مع الأسف”.
لكن “جيب السبع ما بيخلاش” كما يقول المصريون، وسمو الرئيس سبع، ولديه من الفداوية من يسد فراغ الشتامين المعتزلين، ويحافظ على ارتفاع درجة الحرارة العامة، لكننا في مسيس الحاجة إلى أن يستمر شتّاموه لا أن يتم إسكاتهم في اللحظة الحرجة فتنطفئ النار.
إلى هذه اللحظة نحن نسير في الطريق الصحيح، فها هو بو جعل يعود من هناك ليدافع عن سموّه فيشتم قبيلة مطير الكريمة، وها هو صاحبه نبيل يلعب في الملعب نفسه ويظهر في قناة تابعة لسموّه ليشتم عوائل المحتجين كلهم فيقول: “ليس من بينهم أحد من عائلة محترمة”، ويلمز ويتطاول على تاج رأسه قبيلة مطير، ولن أتحدث عن عائلة نبيل المحترمة! كل هذا يتابعه الشيخ ناصر ويتابعه أو تابعه ووكيله نايف الركيبي المطيري بصمت مغلف بسعادة، وها هو المهري يرفع درجة حرارة الفرن، ويطالب أنصاره بالتصويت لمن يشتم أسر وعوائل المعارضين، وحبذا لو كان التركيز على قبيلة مطير تحديداً، وها هم بقية الشلة يتزايدون تقرباً إلى رئيس الحكومة الذي يشجّع الشتم النظيف، وها هي القِدْر تدخل في مرحلة التسخين من جديد.. بعد أن بردت.
الأمور الآن تسير في اتجاه خلع الرئيس وشلعه قبل غسل المكان بالديتول المبين، فقبيلة مطير التي يتطاول عليها الأقزام، هي درة تاج القبائل والعوائل، وسموّه وفداويته وطأوا بأقدامهم الجمر المشتعل، وقريباً سيصرخون ألماً، فقبائل الكويت وعوائلها لا تقبل بامتهان جزء عزيز من المجتمع.
وأقول للمعارضة ما يقوله أهل القنص: “أصصصصص.. لا تذيّرون الصيد” اتركوهم يرفعون درجة حرارة دماء الناس، اتركوهم فالناس ما زالت في مرحلة الذهول وعدم التصديق، وانتظروا يوماً ستُرمى فيه الغتر على الأرض، وينتخي كلّ حر بشقيقته، وتعوي الذئاب..
اتركوا الشتامين وابحثوا منذ اللحظة عن مساحة كبيرة تتسع للأعداد الهائلة من الغاضبين في الأيام المقبلة، وأرشح المساحة الفضاء على الدائري السادس المقابلة لضاحية صباح السالم.
فكروا في مساحة كبيرة فقد شاهدت بنفسي همهمات الغاضبين الصابرين ولاحظت ارتفاع أصوات الشهيق والزفير وارتفاع الحواجب.. وها نحن نقترب من نهاية “صبخة الرئيس”.
أضف تعليق