تعيش بعض الدول العربية هذه الأيام ثورات شعبية نتيجة لازمات ظهرت على ساحاتها الداخلية ضد أنظمتها السياسية..وهناك بعض العواصم العربية مازالت أزماتها باطنية وربما ستظهر قريبا وذلك تجسيدا لنظرية الدومينو المعروفة في العلاقات الدولية. ولو تابعنا تاريخيا أهم أشكال الأزمات التي شهدها العالم لوجدنا أن أول هذه الأشكال هو العنف والذي يظهر في الانتفاضات والثورات الشعبية.وثانيها هو القمع الناتج عن ردة الفعل الرسمية على ذلك. وثالثها السلبية والتي قد يكون منبعها الأساسي الفقر أو اليأس.فجميع هذه الأشكال ربما توافرت في الأزمات التي عاشتها بعض الدول العربية حيث رأينا بأنها بدأت عندما شعرت الشعوب بيأس من تعامل حكوماتها من خلال تعطيل الكثير من مكتسباتها السياسية والدستورية والمدنية الأمر الذي أدى إلى توجه تلك الشعوب إلى الشارع.ومن خلال متابعتنا للأحداث رأينا أن هذه الحكومات لعبت تكتيكا سياسيا باستخدام استراتيجيه الابتزاز مع المعارضين لها بنزول الأجهزة الأمنية المتمثلة بالشرطة والقوات المسلحة إلى الشارع.وهذه الإستراتيجية تحقق لمستخدمها مزايا طالما كانت تهيأ له احتمال تحقيق مكاسب دون أن ينظر إلى استخدام القوة، فإذا ما نجح في ذلك فان الابتزاز يكون قد أدى إلى تجنب مخاطر التصعيد غير المطلوب. ويبدو أن الحكومات التي تعرضت لهذه الضغوط الشعبية ربما راهنت على هذه الإستراتيجية ولم تضع خططا تكتيكية في حال فشلها والتي بالفعل ثبت فشلها عندما توجه مواطنوها إلى المظاهرات في سبيل المحافظة أو المطالبة بحقوقهم التي يرون أنها دستورية كما أنها تحميهم لأنهم يعتقدون انه بمجرد الاستمرار في السكوت عن هذه الحقوق فان ذلك يعد تفريغا لدساتيرهم والتي ينادون أصلا بتعديلها. ذلك الإصرار الشعبي وعدم الامتثال إلى التهديدات الأمنية دفع الحكومات إلى تغيير استراتيجيه الابتزاز بإستراتيجية دبلوماسية القوة في إدارة تلك الأزمات. وبهذا ومن خلال ما حدث رأت الشعوب الثائرة إلى أن هناك شعور الضرر بالعدالة في تحقيق متطلباتها ومكتسباتها وكذلك تطبيق القانون.ولو نظرنا إلى الدراسات الامبريقية فإنها تبين أن شعور الضرر بالعدالة يخفي الحكم أي يجعل الإنسان لا يعرف أن يحكم بين الحق والباطل,كما انه يقلل تجنب المخاطر ويقلل الخوف من الخسارة وكذلك فانه يغلق العقل ويجعل صاحب ذلك الشعور اقل استعدادا للاقتناع من خلال المناقشة أو تقديم التنازلات أو التهديدات.وبالتالي فان التوفيق في مثل تلك الأزمات ربما من الصعب تحقيقه لان المبادئ الأساسية للحق والخطأ تكون في خطر وهذا هو أساس الخلافات وهذه الثورات التي من المحتمل أن تتصاعد وربما تؤدي إلى نتائج لا يحمد عقباها.
د.عبدالعزيز محمد العجمي
Email: [email protected]
Twitter: @Dr_Abdulaziz71
أضف تعليق