من المعروف أن الإعلام هو المرآة العاكسة لأي مجتمع ولأية دولة، فإذا أردت أن تعرف ما بداخل تلك المجتمعات أو الدول من أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية أو عادات وتقاليد أو غيرها من الشؤون التي قد تكون خفية، فما عليك إلا متابعة الأجهزة الإعلامية لها، خاصة وأننا أصبحنا نعيش في قرية كونية، بفضل الثورة التكنولوجية في مجال الاتصالات، كما أن الإعلام هو أحد الأدوات المهمة الموجهة للشارع، وهو السلطة الرابعة في الدولة، ومن المفترض أن يتحلى بالمهنية والموضوعية والحرفية، خاصة عندنا في الكويت؛ لأننا نعيش في مجتمع نسبة الأمية تصل فيه إلى العدم، بمعنى أنه ربما يميز بين الحق والباطل، فمحاولة خلط الأوراق، وقلب الحقائق كما كان سابقاً في عهد سيطرة الإعلام الرسمي، ربما تم تجاوزها في هذا العصر الذهبي للاتصالات والإنترنت والسماء المفتوحة لنقل المعلومات والأحداث بالصوت والصورة، فعندما يتم نقل الأحداث المحلية والإقليمية والدولية يجب أن تحترم عقلية القارئ والمشاهد بالعمل على إيصال الخبر والمعلومة بأكبر قدر من الدقة والصحة؛ لأنه إذا ما تم نقله بصورة مختلفة، فإن هناك إعلاماً حراً ونزيها سيكشف وسيبرز الحقائق؛ لأن هدفه الموضوعية والمهنية، كما أن للإعلام دوراَ مهماً وبارزاً في التخفيف من حدة الأزمات والكوارث، وذلك عن طريق تزويد المشاهدين والمتابعين بالحقائق للحد من انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة حولها، فالحقائق الواضحة تعمل على تنوير أفراد المجتمع مما يساعدهم على تكوينهم رأياً عاماً صحيحاً، وذلك عن طريق الإقناع بالمعلومات والحقائق القائمة على الدقة والوضوح.
جميع هذه الأدوار ربما غابت للأسف عن أغلب قنواتنا وصحفنا وإعلاميينا في إدارة الأزمة التي عشناها في أحداث ديوانية الحربش على سبيل المثال، فالمهنية والموضوعية والحرفية لم تكن موجودة إلا عند القلة، فالمحرك الأساسي للإعلام الحر هو المبدأ والحقيقة، وليس التحيز ونبذ الطرف الآخر، وهذا هو الهدف السامي للإعلام، فالتنوير واحترام الرأي الآخر هي المبادئ الأساسية له، وليس التحيز ومحاولة إثارة الفتن والشعارات التي تشتت، ولا تجمع.. والأمانة توجب علينا إبراز الحقائق والفضائل التي نادى بها دستورنا، وكذلك دور الإعلام الشفاف النزيه والحر.. فالمتابع لجريدة ((سبر)) يفرح عندما يقرأ على موقعها ما تم منعه من مقالات لبعض الكتاب في أماكن كتابتهم.. ونتوقع ونحن نثق بتوجهات هذه الجريدة الشفافة بأنها لن تمنع ما سيقدم لها في المستقبل، مهما كانت الآراء وإن اختلفت مع قناعاتها.. ويبدو أن هذه بداية لرسالة جديدة حرة في الإعلام الكويتي، ولتوضح لغيرها من وسائل الإعلام الأخرى بأن نحترم عقول بعضنا البعض وأن نحترم الديمقراطية التي نتغنى بها وأن نحتكم للدستور الذي هو أساس الفصل بيننا.
د. عبدالعزيز محمد العجمي
Email: [email protected]
Twitter: @Dr_Abdulaziz71
أضف تعليق