كتاب سبر

بكاء وطن

 
يعيش الوطن لحظاتٌ حرجة جداً جراء افتعالات أبنائه ، سواء بقصد وتعمد أو من غير تعمد وقصد، فتجده متكئاً على الثبوتات الورقية ومنطوق به لدى الألسنة الوطنية فقط! فجواز دوّن بإسم الكويت وبطاقة وطنية .. عفواً مدنية ، ومتألماً جداً بالعابثين به ، فهو يعيش كحال أبنائه ولا يتفضلون عليه بشيء، فلا يتفضل المواطن على وطنه أبداً.. يقتات على أفعال ساكنيه، ويتجرع من مواطنيه ، بالطبع هو لا ينتظر عيده بكل سنة، وبالطبع لا ينتظر كل صباح تُرفرَفُ فيه الأعلام، وبالطبع لا يقوى على مواصلة البكاء، فكم ضاحِـكٍ أضر حِسُ الوطن وكم ضاحِكٍ فاز باللذات وترك من خلفه وطنه، وكأن لسان حال الوطن قائلاً بمثل قول عبدالله القصيمي (دعوني أبكي فما أكثر الضاحكين في مواقف البكاء) .
 
 
ليسأل الجميع من هنا نفسه.. ماذا قدمت لوطني الكويت؟ وبأضعف عُرى الإيمان بما أضحكته؟ وجعلت منه باسماً فاغراً فاه حالماً.. فحتماً لن نجد عملاً واحداً من شأنه إضحاك الوطن، ومن شأنه رسم الوان الإبتسامة على محياه.. أعمال شاقة واُخريات أشد قسوة هي مُحصلتنا لهذا الوطن .. سرقات، تزوير، فساد مالي وآخر إداري، ونعت ٌ طائفي وآخر فئوي، وظهور شيء جديد مُختلق تحت بند (هذا ليس مُمَثلٍ للوطن، ولا يمت لهوية الكويتي بشيء، ردائُك ليس وطني، شماغ أحمر، غترة بيضاء) وكأن المواطنون بتحدٍ مُتجدد على مدار حياة الوطن بأن يفتعلون الأضرار تلو الأضرار، وجُل هذا .. في وفاة الوطن وفي زهق براءة روحه .
 
فحينما سُأل الزعيم الانجليزي انستون تشرشل عن الوطن فقال مقولته الخالدة (الوطن شجرة طيبة، لا تنمو إلا في تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم) عظيمٌ أنت يا تشرشل  ونفتقد لأمثالك ، فمن مِـنا ساهم في نمو هذه الشجرة الطيبة التي تُدعى (وطن) ؟ ومن سقاها بعَرَقِه وبدَمِه ؟ فصحيح قد رويناه بأقوالنا الوطنية من أمثال : وطني الكويت سلمت للمجد، و وطن النهار، و كتلة العمل الوطني، وصحيفة الوطن وتلفزيونها .. فإنما هم ليسوا إلا بأقوالٍ وطنية لا تمت بالأفعال بصلة.. فما فائدة أن اُبغبغ مردداً أنا اُحبُ وطني وأسعى لرفعته! فما كان سعيكم مشكورا.
 
فكثيرٌ مِنّا يُردد.. الوطن.. في كثير من المحافل ” فأيّ مِنّا يُردده الوطن في المحافل؟ فالوطنية ليست شعارات جوفاء ولا استخدام مذياع و ورقة وقلم وعلم ولنردد ونكتب ونقول، وطني الكويت، احبك يا وطني ولن أرضى بسواك.. هرطقات وخزعبلات لا يفتّك شعوذتها إلا من يقول ويعمل بها.. ولن يُبطل سحر قوم المُردِدُون سوى عذوبة ماء السُقاة العاملون.
 
( فإياك واليأس من وطنك ) لا تكن كمن قائلها أبداً أبدًا.. فهو قائلها ولم يعمل بها.. وهو قائلها من أجل أعين أبناء الديرة.. أبناء الدائرة.. اليائسون من وظائف وطنهم.. التي بلا شك لا ترتقي لما تطمح لها العائلة.. ! لعن الله البرغماتية لعناً مبرحاً، فجعلت من جميلات المقولات مصلحة وصوتاً انتخابيا .. ! فما سمع وسمعوا قول فولتير (خبز الوطن خيرٌ من كعك الغربة) ولا تكن أبدا ً أبدا ً كزميله الوطني الآخر .. القائل خالدته .. سجل موقف .. الوطن يتطلب منك تسجيل موقف.. ! فلمن ينظر له، سيجد جميع ما سُجِل له من مواقف وطنية و ذيل بها اسمه.. للأسف.. لا تمت لمصلحة الوطن في شيء.
 
لن أقول: سُقيا وطن.. بل نقول: سُقيا دواء لِما سقم الوطن، حتى بحّ صوت الوطن ولا يقوى مُردداً.. ألا كفى عبثاً بي.. ألا كفى ملذاتكم تنوء بكم عني.. ألا كفى تتقاتلون تحت تدوين أسمي ومن أجل مصلحتي.. كفاكم كذباً وبهتاناً وافتراء وادعاء وأفكا وتدليساً..!.
 
و أولى بوادر شفاء الوطن هو رحيل من دمّر رياضة الوطن.. وتنميتها وإسكانها.. أبن الأسرة الشيخ أحمد الفهد .. وبقي لاكتمال شفائه هو رحيل السرطان الأكبر..! بالطبع ليس غيره.. الشيخ ناصر المحمد..!.
 
أخيراً :
 
” الشعب يرغد وينام خائفاً على (الوطن) .. ويُصبِح ويجد (الوطن) خائفاً منه”.
 
 
عياد خالد الحربي
 
twitter :@ ayyadq8q8

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.