يحدث أحيانا أن تتجاذب أطراف الحديث حول شؤون بلدان الخليج العربي فيستدل الآخر بما كتبته وسائل الإعلام الغربيه عن شؤوننا وحتى عندما يأخذ الحديث منحى تاريخي يتم الإستدلال غالبا بالوثائق التاريخيه الغربيه القديمه و الخاصه بالمنطقه….جميل أن يهتم بك الآخرون كتابة، و توثيق و الأجمل أن يكون هناك إنفتاح على الرأي الآخر.
القبيح بل و الأقبح هو ما يحدث حين تتكلم أنت …برأيك أنت عن إحدى الدول الخليجيه…حينها ستظهر أنياب كانت مخفيه و لغة لم تكن من قبل محكيه صارخة و مهدده ” تكلم عن دولتك وبس !!”… ولا نعلم لماذا تلصق ” بس ” على شفاهنا نحن و تترك الشفاه ذات الشعر الأشقر و العيون الزرقاء لتتغنى بما تشاء في شؤوننا و عنها …مادحة و قادحه…مصيبة و مخطئه…بينما تبقى آراؤنا نحن في بعضنا واقعة بين كماشتي الحرفين الأقسى في القاموس الخليجي ” بس ” …حاله من ” الحياء ” الغريب تغشى أبناء المنطقه في ما بينهم.
الآن ونحن في زمن الربيع العربي حيث تفتحت الورود بدءا من الياسمين التونسي و وصولا للنرجس في سوريا …في زمن العبير…من الطبيعي أن تتفتح الصدور ايضا في الخليج و بيننا كخليجيين.
فهد سالم الشحي و احمد منصور و ناصر بن غيث و حسن الخميس و احمد عبدالخالق…خمسه من الشباب الإماراتيين الناشطين في مجال حقوق الإنسان و الساعين لمزيد من الإصلاحات الديمقراطيه في وطنهم ولم يكن بنيتهم الإنقلاب على النظام بل أرادوا له مزيدا من الإتساع حتى يسع كل مواطن إماراتي أن يكون له رأي و قدر من من المشاركه في القرار فقاموا بتنظيم حملة تواقيع على عريضه مرفوعه لرئيس الدوله و مطالبة بدور أكبر للمجلس الوطني الإتحادي و تعديل هيئته الإنتخابيه لتعطي حق الإنتخاب و الترشح لكل مواطن و بمجرد نشر الوثيقه التي وقع عليها 133 ناشطا و أكاديميا فرض المشهد الكلاسيكي لأي نظام عربي نفسه و قامت السلطات الأمنيه بإعتقال النشطاء الخمسه على خلفية قضايا ” جنائيه ” كما صرح مدير شرطة دبي ضاحي خلفان الذي أوضح أن التهم الموجهه لهم هي الإخلال بالنظام العام للدوله و تهديده و بالطبع هو ما تنفيه المنظمات الحقوقيه حيث أشارت هيومن رايتس ووتش على لسان مدير شؤون الشرق الأوسط فيها السيده ساره واتسون حيث تعتقد أن حملة الإعتقالات تهدف الى إرهاب النشطاء الساعين لمزيد من الإصلاحات الديمقراطيه.
على العكس من الكثيرين، أرى أن أكثر المناظر ألما في الإمارات هي ناطحات السحاب التي أقيمت حديثا حيث الإحساس بالحقيقه الأكثر سخريه بالمنطقه، لقد سمح للحجر أن يعلوا كما يشاء….بينما ظل الإنسان قاعا !!!….ولا يعلم الإنسان بالمنطقه و الإماراتي تحديدا إن كانت هذه الأحجار قد بنيت له أم بنيت عليه..إرتفعت به…أم أثقلت عليه !!! فحين يسجن المصلحين فلنكن صادقين أكثر و لنكتب على رأس كل مبنى ” لبسنا قشرة الحضاره…و الروح جاهليه “…فالناطحات و المطارات و حتى الجامعات وكل مظاهر حضارة الحجر تظل في مفهوم الحضاره الحقيقي ” ألقاب مملكة في غير موضعها “.
الحضاره اصطلاحا هي ثمرة كل جهد يقوم به الإنسان لتحسين ظروف حياته ماديا، و معنويا و الحضاره لغة مشتقه من الفعل ” حضر ” و فهد الشحي ورفاقه هم من حضر في زحمة “الغياب الحضاري للإنسان” الذي يلف بلدهم و المنطقه، و ماقاموا به هو الفعل الحضاري المطلوب للرقي و التقدم، وما قامت به السلطات تجاههم هو التخلف و الرجعية، والإنحدار مهما علت العمارات و الناطحات.
twitter@khaledalgaafry
أضف تعليق