كتاب سبر

سمعني صوتك

 
في حكومات العالم أجمع اعتادت الشعوب أن تستمع إلى آراء وزرائها بمختلف الوسائل السمعية والبصرية والمقروءة ، واعتادوا أن يظهر لهم رئيس الحكومة كاشفاً لرأسه غير مُندّس، متبرجاً وبكامل زينته ليقول: ذهبنا في التعليم إلى ذاك المدى، وخذلنا في سياستنا تلك مع بعض الدول، ومشروع المترو سيرى النور قريباً، ويقول ويُبرر، ويهذي أيضا بكل شيء من أجل مطرقة الشعب التي لا ترحم أبداً، ولا تنتظر التأجيل والتأخير، فالشعوب تفور بسرعة البرق إن لم تسمع صوت حكومتها.
 
 
وفي بلاد العالم من مشرقها إلى شمالها و جنوبها وغربها تجد عصام شرف رئيس وزراء مصر يأكل من مطاعم التابعي رفقة عائلته، والشعب يأتيه فرحاً، ويلتقط معه الصور، ثم ينصرف هذا العصام ليتحدث في أربعة برامج حوارية، ثم يذهب إلى الصحف اليومية ليمطر عليهم وابل من التصاريح، وتجد رئيس وزراء الهند السيد سينغ لا يكل ولا يمل من الحديث عن كل شيء وبكل شيء، عن السياسات الخارجية، وعن العمال، وعن الصحة وعن اتهامه بالتنفيع لأحد الوزراء، وتجده يبرر ويفند ويبهر الشعوب الآسيوية، فيحبون هذا (السيكي) ويحبون عمله الدؤوب، وتجد الجميل جداً رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون يرقد وبيده ميكرفون، ويصحو على مؤتمر صحفي للشعب الانجليزي، وبرفقتهم الطماطم ، فالإنجليز من لا يعجبهم قوله، يقومون برميه بحبات الطماطم بسرعة قياسية، وتجد رجب طيب اردوغان إمام المسلمين وحامل راية الإسلام – كما يحب بنو يعرب أن يسموه-، من فرط تعوده على المؤتمرات ومضغها والحديث لشعبه تجده وصل لمرحلة أن يمسك زمام الميكرفون في إحدى البرامج التركية ويغني (مشينا معاً في هذه الطرقات، وابتللنا معاً تحت حبات المطر المتساقطة).
 
والأمر بغاية السهولة، ولسنا بحاجة للبحث عن رؤساء الحكومات ، فما علينا إلا أن نفتتح شاشة التلفاز، أو إحدى الصحف اليومية أو إحدى محركات البحث، وسنجد جميع رؤساء العالم بلا استثناء موجودين، وبيدهم أو من أمامهم الميكرفون، ويصطفون طوابير متعددة وطويلة ينتظرون دورهم للحديث لشعوبهم في وضح النهار، وبمؤتمرات علنية يحضر بها مئات الصحفيين وآلاف الجمهور المُتعوّد على هكذا ظهو.
 
أما في الكويت، فلا تجد لدينا ما تجده في العالم، نحن مُختلفون أحياناً، وأحياناً أخرى مُتخلّفون!.. ونقبع دوماً في الصف الأخير للمجتمعات، ولا نعلم متى يحين موعدنا مع صوت القمر، سمو الشيخ ناصر المحمد، فإلى الآن الشعب لا يعلم هو كأي منّا؟ إنسانٌ ناطق.. أم.. قائل للحديث أنت طالق..، وإن كان به شيء يمنعه عن الحديث لا سمح الله فنحن أقرب إليه من غيرنا بالدعاء إلى الله له، ونحن أولى به من غيرنا كي نسمع صوته، فهو رئيس وزرائنا للمرة السابعة، وأمورنا لاتزال تقبع تحت وطأة ورحمة صوته.
 
فبتنا ندّعي زوراً بأن السماء هي من تمطرنا بغضبها على الدوام ، ولا ترضى أن يخرج علينا رئيس حكومتنا، ولا رب وزرائها الشيخ ناصر المحمد بجلسة علنية، وكأن الأرض مشتركة بالحدث أيضا، ولا تحتمل بلاغة، وأدب وعلم رئيسنا ببرنامج حواري هادف، يوضّح للشعب الكويتي (إلى أي طريق ذاهبة الكويت؟)، أو (الشكل الذي ستصطدم به الكويت في طريقها الى القاع؟).
 
ويُذكر بأن أحد شُباّن ايرلندا أراد أن يستمع إلى صوت الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية جورج دبليو بوش عن قرب، فقام باختراق شبكات الاتصال العالمية حتى وصل إلى مدير مكتب الرئيس بوش في البيت الأبيض وقال له: (أعطني رئيسك)!!.
 
وهذا ما سأقوم به (أنا) حيث إنني سأقول: يالوشيحي، يالعصفور: أنا مواطن كويتي واُريد أن أستمع لصوت رئيس وزرائنا، و سأخترق كل العادات، وكل شيء، لأغني له: سمّعني صوتك.. قرّبني ليك.. ساحر سكوتك..الله عليك، (الله، الله عليك، يا أصيل هميم).
 
أخيراً:
 
(في العلن دوماً).. هو شعار رؤساء حكومات العالم.. (في الخفاء والسرية دوماً)، هو شعار رئيس حكومتنا..!.
 
عياد خالد الحربي
 
Twitter @ayyadq8q8

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.