كتاب سبر

خطأ النواب .. وخطئية الحكومه !!

واهمٌ  من ظن أن الخطاب السامي لأمير البلاد جاء لمصلحة فئة دون أخرى، وهو طبعا ليس كما اعتبره البعض تغليب للحكومة على البرلمان  إنه تشخيص كامل  لحالة الشلل التي تصيب الكويت منذ سنوات، فسمو الأمير أكد على حق النواب في ممارسة دورهم التشريعي والرقابي أيضا، معتبرا أن التباين في وجهات النظر بين سلطة التشريع  وسلطة التنفيذ، بلغ مرحلة نضج طبيعي للديمقراطية الكويتية، وعلامة إيجابية لا تخلو من سلبيات الواقع العام في التعاطي بين الحكومة و مجلس الأمة،  إلا أن سمو أمير البلاد أشار وبوضوح إلى أخطاء و إشكاليات أصبحت ترمي بثقلها على المناخات الصحية للحياة السياسية في الكويت، وتتسبب بخلق أجواء سلبية.

فبينما تختلف توصيفات الاحتقان السياسي والتأزيم في الكويت بين مبرر أو مفتعل، حيث المعارضة وعلى لسان رموزها بررت لنفسها ولجمهورها، ما تتبعه من  سياسة إرهاق الحكومة وملاحقة رئيسها، بطلبات الاستجواب، الأمر الذي دفع بمخالفيها، إلى اعتبار هدف إسقاط الحكومة و شل عملها، هو سياسة تأزيم مفتعلة، وتعطيل للحياة السياسية، تدفع إلى  نقل الجدل السياسي من مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية إلى الشارع . 

أمام مشهد الاحتكام إلى الشارع الممتد من تونس إلى سوريا، وإيجابياته المكلفة في بعض الدول ( ليبيا و سوريا ) حيث  نجح الشارع في صنع  التغيير، وأدى تحركه إلى خلق رأي عام وطني افتقدته هذه الدول التي تعيش حراكا ديمقراطيا ومطالب بالتغيير بعد حقبة دكتاتوريات قمعية، لا يمكن إسقاطها على التجربة الكويتية سلطة و شعبا، مولاة و معارضة، فالحياة السياسية الكويتية لا تملك فيها المولاة  ولا المعارضة أغلبية شعبية تحقق لها اكثرية سياسية، تسمح لها بتحقيق أهدافها السياسية، و حتى لو نجح خيار الاحتكام إلى ضغط الشارع في كسب جولة من الصراع مع الحكومة و إجبارها على الرضوخ إلى مطالب الإصلاح (حملة نبيها خمسة) الان أن الكويت تعيش الان حالة من الانقسامات و تبرز فيها الهويات المذهبية و العرقية حيث تحولت التعددية الكويتية في الاجتماع و السياسة إلى صواعق تفجير بعدما كانت عامل نهوض، وخاصة حين يتم استخدام الفوراق في تحريك الشارع الذي سوف يستدعى على اساس الانقسام من اجل الصدام ، و لكن في النهاية  يعود محطما محبطا و لكن بعد أن يحطم الكثير من بنية الدولة و المجتمع.

 

اذن من الممكن اعتباراللجوء الي الشارع في هذه الظروف له ضريبه قد تكون قاسيه ولكن السؤال الذي يطرح نفسه.. ما الذي يدفع  الي هذا الخيار ؟

 

سياسة الكر و الفر بين المجلس و الحكومة ، وسيلة تعطيل  اتقنها الطرفان وانتهج كل من النواب وقبلهم الحكومه هذا الاسلوب اما لأقرار قانون او التهرب منه  ..

فحال التعطيل  القسري من قبل الحكومه  للبرلمان التي زادت عن  الاربعة اشهر كانت نتيجة تهربها عن جلسات رفع الحصانه عن النائب فيصل المسلم ، او لعدم توافر النصاب او حتي اكماله ، ثم عادت الحكومه لاستغلالها للأغلبية النيابية في  ترحيل الجلسات من شهر فبراير إلى مارس ، تبع ذلك استقالة الحكومه وتأخر تشكيلها . 

فقد تجاوزات الحكومه لصلاحيات  النواب و قامت بعملية التفاف علي الدستور  وخاصة المادة الخامسة والثمانين منه  والتي تنص على أنه «لمجلس الأمة دور انعقاد سنوي لا يقل عن ثمانية أشهر، ولا يجوز فض هذا الدور قبل اعتماد الميزانية»، وانتهاج السلطة التنفيذية لأسلوب  الغياب او التغيب لاعضاء الحكومه انما هو تجريد لممثلي الامه  من ابسط حقوقهم في المناقشة و ممارسة مهامهم التشريعية و الرقابية ، وتجريدهم من ساحه المعركه ” قاعه عبدالله السالم ” التي لطالما طالبت المعارضة ان تكون ساحه للنزال السياسي الذي ادبرت منه الحكومه .

 

لقد نجحت الحكومات المتعاقبة  في استغلال ظاهرة ” نواب التازيم ” في تبرير مساحات فشلها ، حين  عمدت الحكومة الى اعتبارهم عائقا اساسيا في تطبيق مشاريعها من خلال تعسفهم في استخدام سلطتهم التشريعية التي اقرها لهم الدستور ، في الوقت ذاته كانت الحكومة تعتمد اسلوب اللجوء الى الاغلبية الموالية في مجلس الامة من اجل الافلات من المساءله ،و سوق المبررات للدفاع عن اخفاقاتها ، فلم تقصر في خرقها  للاعراف بتاجيل استجواب الرئيس مثلا لمدة سنه ، في خطوة شكلت صدمة للشارع الكويتي ،كذلك التكتيك الحكومي  بخروج اعضائها من التصويت علي مشاريع القوانين كما حدث اخير مع كادر المعلمين، ومن ثمه محاولة رده الي البرلمان لأستنزاف الوقت.. اليس ذلك تعطيلا ؟؟؟ .

ان ما حدث من تلاسن بين النواب او حتي الاشتباك والمعركة التي وقعت بين ممثلي الشعب تبقي رغم خطورتها تصرفا فرديا ولا تجر البلد الي الهاوية لأن هناك من وصف دائما في البرلمان بالعقلاء ،وحتي  المجتمع هناك من هو قادر علي تبيان الخطأ الذي ارتكبه ممثلي الشعب في ممارستهم الخاطئه، لكن ذات الممارسه الخاطئه من قبل الحكومه بتعسف استخدام حقوقها او ممارسه الضغوط علي النواب هو ما يعطل التنمية التي استبشر البعض خيرا حينما اقرت ، وصدق البعض الاخر حينما قال ” سنبقي علي طمام المرحوم” دلاله ان لاتنمية تاتي من حكومة لاقدرة لها بمواجهة البرلمان فهي لم تقدم شيئا لتعطي علي الاقل لمناصريها الحجة بأن الحكومة تعمل والمؤزمون هم من يضع العصا في دولاب حركة التطوير التي تقودها الحكومة .باختصار ان ارتكب النواب خطأ فالحكومة تمارس الخطيئة .

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.