أما قبل:
وَما تَنْفَعُ الخَيلُ الكِرامُ وَلا القَنَا
………………..إذا لم يكُنْ فوْقَ الكِرامِ كِرامُ
(المتنبي)
هم النـُبلاء بأزياء الفقراء.. الخارجون عن القانون، القانون الذي تـُبتر سواعده إن مَست يد (المخزومية) ويَعدمُ سُراق (عام الرمادة) الجائعون.. هم المارقون عن أعراف مجتمعهم الذي إن جاع أكَلَ يد تقاليده.. هم الموسومين بالضعف طالما تَمثلَ الوطن بهيئة غابة فما أتقنوا خُلق الافتراس الحيواني الذي يجيده وجهاء البلدة، آمالهم كمفكر مُعارض في بلد عربي، وعاصمة الأحلام لا تمنحهم إلا (فيزا للعبور).. آمنوا أن صرخة الجنين الأولى هي صرخة الحياة، فتمرسوا الصُراخ، وتقيأت أفواههم عبارة (سمعاً وطاعة) بُكمٌ إلا عن كلمة (لا).. في زمن فيه مُفتي للحق ومُفتي للرزق.. رفعوا عبارة الروسي مكسيم غوركي (جئت إلى العالم كي أحتج)..الحديث عن أنبائهم لهُ نكهة عبيد الوسمي اللذيذة..!!
فيهم الشعراء والشعر لهم.. ولدوا وفي فمهم (مُعلقة) من ذهب، يحسدهم النبلاء والشيوخ وخصوصاً هؤلاء المُتخمة بهم بلاد الخليج، لأنهم يتسللون إلى قلوب الناس كمثل دمعة تسلّلت من مَعقل عيون المُتجلد فهؤلاء المُترفين يعتقدون أن الإبداع والمحبة تأتي مجاناً مع (البشوت) كمنتج لمسحوق الغسيل، هل سمعت بالأمير الشاعر الفارس فزاع (شيخ full option) ! إنه لفرق بالرحيق بين البرعم وأزاهير الربيع… وإن أردت مواطن الشعراء الصعاليك المُبدعين فانبش أطلال الجهراء فهي مُترعه بهم، تلك المدينة التي ينكحها الشعر ولا يُطلقها الشعراء، تجد سِيَر فهد عافت وسليمان المانع وسعدية مفرح، وبقاهرة المُعز تجد وريث الصعاليك عبدالحميد الديب، من عَشق التصعلك ونفر من الراحة، حتى حين وهبوه وظيفة رسمية أنشد (بالأمس كنت مشرداً أهلياً//واليوم صرتَ مشرداً رسمياً)..!!
أما في واقعنا فسماهم في تمردهم، وبساطتهم.. مثل شجرة الآراك دائمة الخضرة وإن شَحَ الغيم، فيهم موظفون تـَخمروا في درجاتهم الوظيفية لأن ألسنتهم لا تـُحسن لغة اللعق، وصحفيين إن سلمت كلماتهم من مقص “الرقيب” لم يسلم معصمهم من أغلال “الرقيب”.. وبهم نواب لم يفعلوا كما فعل غيرهم من النواب الذين يرفعون هامة إصبع السبابة في التشهد بـ(لا)، ويطرقونه كرؤوس النعام بوجه الظالم (بنعم).. وفيهم الكثير من البسطاء الذين لا يظهرون بالإعلام إلا بالوفيات ليتملكوا ولأول مرة يتملكوا أشبار قبورهم، ولا يحتفي بهم الناس، مصادقة لأبوالعتاهية (وَالنَّاسُ حَيْثُ يَكُونُ الْمَالُ وَالْجَاهُ)، لا يقتاتون كما يقتات براغيث الوطن ولصوص أقسموا أن لا يتركوا شيء ليأجوج ومأجوج..!!
نعم إنهم صعاليك بأرواح النبلاء.. وإن لم يملكوا الكثير (وصُعلوكاً خَرجتُ بِغَيرِ مالٍ) كما ينظم المعري، إلا أنهم يمتلكون ما لا يستطيع تسوله واقتنائه تـُجار هذه البلدة.. إنهم لا ينكسرون وإن انكسروا فكما انكسار الظل يُقيمهُ يوماً مشرقاً بالغد، أجزموا أن الأجساد إن فارقتها الأرواح تتعفن، والأرواح إن فارقتها الكرامة نَـتنت..!!
سقى الله عزهم.. ولحى الله نابزهم.. وعَظم تمردهم.. والمجد أوردهم.. ردد معي كما قال زعيم حزب الصعاليك الجاهلي عروة:
وَلِلَّهِ صُعْلُوكٌ صَفِيحَةُ وَجْهِهِ
……………. كَضَوْءِ شِهَابِ الْقَابِسِ المُتَنَوِّرِ
صعلكه:
(صوتك) بالهاتف .. تـُسدده (بأموالك)
(صوتك) بالانتخابات .. تـُسدده (بآمالك) !!
محمد خالد .. أو (أبوعسم سابقاً) في رواية أخرى
twitter:@abo3asam
أضف تعليق