كتاب سبر

الكويت بين نواب الموالاة والمعارضة

يتساءل البعض عن أسباب العديد من المشكلات السياسية والاجتماعية والرياضية التي انحرفت بالدولة من التوجهات التنموية إلى المسارات التصادمية التي وصلت في غالب الأحيان إلى طرق مسدودة أدت إلى حل البرلماني لعدة مرات..ويبدو أن تلك المشكلات ربما نتجت عن قضايا عدة من أبرزها الفساد الذي استشرى في نخر جسد أجهزة الدولة والانحدار في لغة الحوار السياسي والاجتماعي التي سادت وزادت في الآونة الأخيرة..فلو نظرنا إلى الوضع السياسي سواء على مستوى السلطة التنفيذية أو على مستوى السلطة التشريعية لوجدنا أن العلاقة متردية ومتوترة ومؤشرات الاختلاف أكثر من الاتفاق بين الحكومة ومجموعة من نواب الموالاة في مجلس الأمة من جانب وبين مجموعة أخرى معارضة من جانب أخر..وعلاوة على ذلك طغت مظاهر غريبة على سلوكيات أعضاء الحكومة والمجلس تمثلت في الاصطفاف المصلحي دون مراعاة للدين ولا للقانون ولا الأخلاق ولا العادات والتقاليد ,وكذلك علو كعب النفس الطائفي ودنو الخطاب الأخلاقي الذي أدى إلى التشابك بالأيدي إضافة إلى الخلافات العلنية التي برزت فيها المصلحة الخاصة وغابت عنها المصلحة العامة بين أطراف الحكومة وللأسف بين أطراف الأسرة الأمر الذي انتقل إلى أعضاء المجلس أنفسهم كنتيجة طبيعية لوقوف بعضهم مع هذا الطرف أو ذاك..ومما لاشك فيه فان مثل تلك العلاقات المتوترة والفاترة في غالب الأحيان بين الطرفين أدت إلى الانعكاس سلبا على التجاذبات الاجتماعية وعززت النفس الطائفي لديها..فنتيجة لتلك الصراعات انغمست الساحة المحلية وغاصت في نتوء هذه الخلافات وانقسم المواطن بين مؤيد ومعارض وأصبحت الرؤيا ضبابية عند العامة في ضوء التسييس والتهييج الإعلامي الغير مبرر للعديد من القضايا والمطالب.وكان أخر تلك الصراعات التي يرى البعض أنها أشغلت المجتمع والدولة هو استجواب الشيخ احمد الفهد الذي نتج عنه استقالته ربما عنوة وكذلك استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الذي نال الثقة كالعادة وربما سينالها في جميع الاستجوابات القادمة حتى تتغير اغلب الأوجه مع انتهاء المدة القانونية لهذا المجلس الذي يضم أغلبية موالية مستفيدة وتتفق مصالحها مع مصالح الحكومة..

الموالون يرون بان من يقدم تلك الاستجوابات ما هم إلا قلة قليلة وان جميع استجواباتهم مخالفة للدستور وشخصانية ونعتقد أن تلك القناعة ربما ناتجة لمجرد الاختلاف مع شخصية من يحمل لواء تلك الاستجوابات ورايتها وليس لمضمونها..إما المعارضون من جانبهم فيرون أن الموالين ما هم إلا متخاذلون ومتعاونون مع الحكومة في فسادها وان الاستجوابات حق دستوري لهم وعلى أعضاء الحكومة أن يترجلوا ويصعدوا المنصة ليفندوها,بالإضافة إلى ذلك فهم يطرحون العديد من الأسئلة ويعتقدون بأنها ربما ستوضح الخيط الأبيض من الأسود للمواطن حول مواقفهم المعارضة.ومن هذه الأسئلة على سبيل المثال ما يلي:

هل لدينا سياسة محلية وخارجية وإعلامية واضحة وشفافة؟

هل لدينا بنية اقتصادية وسياحية مناسبة وكافية؟.

هل لدينا موانئ تستوعب التحول إلى مركز مالي وتجاري؟.

هل نعاني من البيروقراطية والرشوة؟.

هل لدينا مشكلة إسكانية وسكانية؟.

هل لدينا مشكلة في التعليم؟.

هل نعاني من نقص في الجامعات والمعاهد المتخصصة؟.

هل لدينا ندرة في مراكز الدراسات والبحوث؟.

هل لدينا مشكلة في الوضع الصحي؟.

هل نعاني من نقص في المستشفيات ؟.

هل لدينا مشكلة في البنية التحتية؟.ه

ل لدينا مشكلة رياضية؟

هل لدينا مشكلة في المرور والزحمة؟.

يبدو أننا وغالبية المواطنين سنجيب بنعم مما قد يقر بأننا نواجه إشكالية كبيرة من القصور وسوء الإدارة في العديد من الخدمات والقضايا واختلال في ميزان العدالة الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية التي تعد من العوامل المهمة لاهتزاز أحقية هذه الحكومة في البقاء من وجهة نظر العديد من المواطنين والقليل من النواب وهو ما يتم التعبير عنه في صورة كثير من الاستجوابات والاضطرابات السياسية والتظاهرات الجماهيرية التي تطالب بإدخال مزيد من الإصلاحات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.ونعتقد بان بعض من المواطنين قد لا يتفقون مع توجهات أو أساليب اغلب نواب المعارضة وربما يدركون أن اغلب ما يقومون به ما هو إلا للتكسب الانتخابي إلا أن الشعارات التي يطرحها هؤلاء النواب تدقدق مشاعرهم لملامستها لواقعهم وعليه فهم يندفعون تلقائيا لتأييدهم.وفي المقابل هناك بعض المواطنين يتوافقون مع نواب الموالاة بان الحكومة لم تأخذ فرصتها وأن المعارضة هي التي من يعطل البلاد وأمر ومصالح العباد.ونعتقد بان ذلك التوجه قد يكون مردود عليه لان الحكومة لديها الأغلبية ومن الممكن أن تنجز مشاريعها كما تفعل بتمرير استجواباتها بل نجدها انشغلت في الدفاع عن نفسها وتركت التنمية إلى المصير المجهول.

ومما سبق كله, إننا لا نشكك بنزاهة ولا بولاء الحكومة ولا النواب من معارضين وموالاة إلا انه يتضح لنا أن الجرح عميق على كافة المستويات وربما يحتاج إلى عناية إلهية قدرية لعلاجه ولكننا نثق بعد الله بحكمة صاحب السمو أمير البلاد وولي عهده حفظهما الله ورعاهما في التدخل لتجاوز تلك التوترات لنقل دولتنا الحبيبة إلى موقع الريادة كمركز مالي وتجاري إقليمي ودولي.وبالإضافة إلى حكمة القيادة العليا فإننا نحتاج إلى العقلاء في المجتمع من كبار السن وعلماء الدين والمثقفين والمفكرين وكذلك الإعلام المهني الموضوعي الصادق أن يخشوا الله في هذا الوطن وان ينتفضوا لتقريب وجهات النظر ولوضع حلول لمشكلاتنا  ولكشف البطانة الفاسدة التي تقع عليها المسؤولية الكبرى في ما وصلنا إليه ,لتدارك الوضع قبل أن تؤول الأمور إلى ما هو أسوأ وقبل أن ينفرط العقد ونندم جميعا خاصة وأننا نعيش في منطقة متوترة لا من حيث التغيرات ولا من حيث الصراعات الأيدلوجية.وأخيرا نتمنى أن تكون إجابتنا في المستقبل القريب على الأسئلة السابقة ب(لا) وان ينصلح الحال ويعم الأمن والاستقرار هذه الأرض الطيبة.

د.عبدالعزيز محمد العجمي

Email: [email protected]  

Twitter: @Dr_Abdulaziz71 

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.