كتاب سبر

مُثلث الحرب

تتسارع الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد في منطقة الشام الملتهبة. سوريا لازالت تحت وطأة الإحتجاجات والمظاهرات والإعتقالات والتصعيد. وبالأمس وصلت مجموعة الأمم المتحدة إلى بيروت  وقدمت مذكرات إعتقال بحق أربعة ضباط  من حزب الله , وأيضاً سيتوجه الوفد إلى دمشق لتقديم دفعة ثانية من مذكرات الإعتقال ضد مسؤولين سوريين يشتبه في أن لهم دور في إغتيال الرئيس رفيق الحريري. ولقد قدمت السلطات اللبنانية مهلة لمدة ثلاثين يوما لتنفيذ أوامر الاعتقال. ولم يرد حزب الله على هذه الاتهامات ولكن بدأت مظاهر لتعزيز الإجراءات الأمنية في شوارع بيروت , وسوف يُلقى الشيخ نصر الله خطاباً للرد على هذا التصعيد.وقد تم تسمية المطلوبين من نشطاء حزب الله وهم حسين عيسى وأسد صبرا , وأيضاً تهمه بحق سليم عياش وهو ضابط كبير من جهاز أمن حزب الله ومن المقربين من الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله و مصطفى وبدر الدين, أحد أقرباء عماد مغنية الذي لقي حتفه في التفجير الذي وقع في دمشق.وتقول مصادر أستخباراتية أن التقرير تضمن مسؤولين سوريين كبار , ومنهم والجنرال آصف شوكت شقيق صهر الرئيس بشار الأسد وهو الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية السورية , ورستم غزالة وهو الرجل القوي في الجمهورية السورية ويعتقد أنه وراء  قمع الإنتفاضة  في جنوب وشرق سوريا.

 من جهة أخرى تواجه إيران المجتمع الغربي من خلال برنامجها النووي , فلقد صرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيج يوم الأربعاء التاسع والعشرين من يونيو أن أيران قامت بتنفيذ إختبارات سرية للصواريخ البالستية , بما في ذلك الصواريخ القادرة على إيصال حمولة نووية في إنتهاك لقرار مجلس الامن رقم 1929 .و أشار أيضا إلى أن أيران قد أعلنت عن خطط  لمضاعفة  إنتاجها من اليورانيوم المخصب  وهو مستوى أكبر بكثير مما هو ضروري للحصول على الطاقة النووية السلمية.

وحسب مشروع ويسكونسن لضبط ورصد الأسلحة النووية تتوقع الوكالة الأمريكية الدولية للطاقة  المشرفه على مراقبة إنتاج الأسلحة النووية أنه بحلول ديسمبر 2008 تراكَم لدى إيران ما يكفي من اليورانيوم من فئة U – 235 لصناعة وقود قنبلة نووية واحدة , وتم إنتاج قنبلتين نوويتين خلال تلك الفترة إلى هذا العام , وبحلول أبريل 2011  كان لدى إيران ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة رابعة. وقبل إسبوع  حدث أمر إستخباراتي غريب وهو مقتل ثلاث علماء روس كانوا في رحلة من موسكو الى بيتروزافودسك تحطمت في شمال غرب روسيا.وهم الذين خططوا وصمموا  المفاعل النووي الإيراني الأول في بوشهر. وهذا مؤشر على الخوف الجدي من التوجة النووي الإيراني لدى الغرب وبالتحديد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وهذا بالإضافة إلى محاولات إختراق أجهزة الحاسوب للأسلحة النووية الإيرانية. إن إمتلاك إيران للقنبلة النووية هو مؤشر على تعادل قوة الردع مع إسرائيل وهو ما لاترضاه القوى الغربية وتسعى لإسقاط المشروع الإيراني ولكن إيران ماضية بمشروعها هذا ويبدو أنها حققت ماتصبو إليه. فمشروع الردع لربما يحجب أي حرب مثلما حدث بين الهند باكستان فبدخول باكستان النادي النووي حصنت نفسها من الرعب الهندي المجاور وأصبح هنالك قوة ردع قد تمنع الحروب في بعض الأحيان. 

وهذا التطور الدراماتيكي جاء بتوقيت مع الوضع السوري وإنتصار حكومة موالية لسوريا وتحت سيطرة حزب الله وحلفاؤه. إن الوضع السوري الغير مستقر ولهيب الثورة السورية لم يترك للولايات المتحدة وإسرائيل المجال أن تستجمع قواها المنهكة في العراق وأفغانستان , فهذه الفرصة لم تكن لتحلم بها الولايات المتحدة وإسرائيل وهي إيجاد الأرضية لإسقاط النظام السوري وبتأييد عربي شبه كامل , ولذلك قامت بالإستعجال بإستصدار القرار الظني في المحكمة الدولية الخاصة بإغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري , وهو فخ كبير للإطاحة بالحكومة اللبنانية الجديدة أو لإجبار حزب الله على التصرف بطريقة تفقده توازنه فحزب الله لايوجد لديه أي حل آخر سوى المواجهه مع المجتمع االدولي خصوصاً أن الأسماء التي جاءت من ضمن القرار الظني هي لأشخاص من الصفوف المتقدمة  في حزب الله .

إن الوضع السوري والإيراني واللبناني وهم ثلاث أضلاع لمثلث حرب سيكون له التأثير الأكبر على كل المنطقة , فإسرائيل قد قامت بمناورات شاملة قبل إسبوعين وتبعتها مناورات لمدة عشرة أيام في إيران وهنالك تصعيد سوري داخلي وتناحر لبناني . إن الحروب تنشب لأسباب بسيطة أحياناً فالحرب العالمية الأولى نشبت إثر حادثة اغتيال ولي عهد النمسا وزوجته من قبل طالب صربي أثناء زيارتهما لسراييفو وهنا لن يختلف الوضع اللبناني فالكثير من القوى الدولية تعتمد على الإطاحة بالمحور اللبناني السوري الإيراني عن طريق المحكمة الدولية , وتوقيت النطق بالقرار الظني جاء في وقت قد أسس لحقبة جديدة من سيطرة لحزب الله على الحكومة اللبنانية ,وهو بالتالي إختبار لإرادة الحكومة اللبنانية وإن عدم الإستجابه للقرار الدولي سيضع لبنان بمواجهة المجتمع الدولي وهو ما سيحصل بالتأكيد.

إن الوضع المشحون الإقليمي سيكون له التأثير الأكبر على الوضع في الشرق الأوسط وليس الخليج العربي بمعزل عن هذا الجو المتشنج والتصعيد فالروح الطائفية متأججة مُسبقاً واللعب على هذا الوتر سيكون له نتائجة السلبية على الوحدة الوطنية في دول المنطقة. 

[email protected]

‏http://twitter.com/#!/HassanAlfadli??

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.