كتاب سبر

أعظم من بكين …

الناس في الصين يختلفون كثيرا عن باقي العالم في أشياء كثيرة منها أن لديهم تقويما خاصا بهم لا يقسم الأيام و الشهور فقط بل يقسم السنين أيضا إلى اثنى عشر سنة تحمل جميعها أسماء حيوانات إحداها يحمل اسم سنة التنين، ولا أدري أي حيوان تحمل سنتنا هذه اسمه، لكن أعلم أن سنة التنين غادرت التقويم الصيني و حلت بامتياز في نظيره العربي لهذه السنة،  فكل العذر من أصدقائنا في الصين فسنة التنين عربية هذه المرة بانطلاق نيرانها من من جسد الشاب العربي محمد البوعزيزي رحمه الله، وقد كان شابا حقيقيا من لحم و دم، وفي قول آخر من قهر و ظلم. وما كان كائنا من خرافة أو خيال فهاهنا يا أصدقائنا…. ها هنا يكمن الفرق… ها هنا تجسد الحق… و الحق أيضا أن الأصدقاء في الصين أبدعوا في الصناعة حتى أصبحوا في نظر الجميع “مصنع العالم”. لكنهم لم يصنعوا من النار وردا.. لقد صنعها العرب وانطلقت من الجسد المشتعل “ثورة الياسمين”، وفي نفس الوقت الذي كانت الحكومة الصينية تفاخر العالم أجمع بأن الميزان التجاري يميل دائما لصالحها أمام العالم ولا يهمها السبب الحقيقي لهذا التفوق، و هو أن الدولة هناك “تميل” بثقلها كله على المواطن ولا ” تميل ” له بأي حال خصوصا خلال العشرين عاما الماضية، وهذا كله لخطأ التقصير الشعبي في دعم ثورة 89 حين تم قمع “ربيع بكين” حتى آخر وردة… وحتى آخر شاب ثائر حر… و وقف الشعب بأكمله متفرجا على منظر الشاب الصيني الشجاع و هو يقف أمام الدبابة بجسده الأعزل ليمنعها من التقدم حتى دهسته بالكامل في الميدان الأشهر في بكين “يان آن مين”. و شيء غريب حقا أن لا يجد الشعب في هذا المنظر الإلهام الكافي لدعم الثورة وانطلاقها من الميدان لكل مكان ولا يمكن لأحد أيضا أن يتفهم ارتكاب “مليار” من البشر لنفس الخطأ، وامتلاكهم لنفس القدر من البلادة الحسية، التي لم تؤثر فيها كلمات هانغ دونغ أحد زعماء الطلبة الثائرين وهو يصرخ بشعبه “انظروا إلى تاريخنا فجميع الثورات كانت تستهدف الامبراطور الذي يتم استبداله دائما بامبراطور آخر باسم جديد والنتيجة هي أننا منذ ألفي عام ونحن نضحي بالملايين من البشر بلا ثمن وقد حان وقت التغيير.. الآن”… انتهى كلام هانغ دونغ وانتهى ربيع بكين أيضا واستمر الامبراطور باسمه الشيوعي حاكما و متحكما و يبدوا اأن الألفي عام لن تنتهي قريبا هي الأخرى.

أذكر أني قرأت قبل فتره عن دعاوى أنتشرت بين ناشطي حقوق الإنسان في الصين للقيام بتحرك شعبي على غرار النموذج العربي و شاهدت بعدها الأمن الصيني وهو يقوم بحملة إعتقالات بعضها استباقي وما لفت نظري حقا هو ان الصينيين لا زالوا يتفرجون على أبطالهم و لا يحركون ساكنا!!… إلى المصنع إذن !!…ومهما عشت يومي و أنا استخدم المنتجات الصينية سأظل أردد في الوقت نفسه أن مدينة سيدي بوزيد أعظم من بكين و سأستعير أحد العناوين المثيرة للمثير محمد الوشيحي “ثوروا لا رحم أبوكم” ربما يصادفها من يترجمها للصينية.

@khaledalgaafry

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.