ربما لم يحمل الربيع العربي وروده الحمراء و أوراقه الخضراء إلى أرض الخليج بعد، لكنه بلا شك زرع بعض بذوره هنا سواء في عقلية الأنظمة في الخليج أولدى الفئة المتطلعة سياسيا من المواطنين، والتي يجسدها ارتفاع النبرة الحقوقية في بعض ما يكتب هنا و هناك. ففي فترة ما قبل الربيع العربي تأثرت الأنظمة في الخليج بالسياسات الأمنية المتبعة عربيا آنذاك، وانعكس هذا في تعاملها بقسوة مع أي رأي مخالف. ونحن هنا نستعمل مفردة “رأي مخالف” لأنه إلى الآن لم نجد ما يمكن تسميته “بالحركات المخالفة” في الواقع الخليجي، فهي في مجملها آراء و جهود متفرقة لم تلتقِ ببعضها حتى في داخل إطار الدوله الواحدة من دول الخليج.
ماهي حقيقة الوضع الحقوقي للإنسان في الخليج؟ هل هناك من يصفع على وجهه في مراكز الشرطة، وكل ما حدث هو أنه لم يحرق نفسه بعد؟؟ هل هناك “حماه” أخرى تحت أرض الخليج؟؟؟ هل الأجهزة الأمنيه في الخليج ممكن أن تتحول إلى “شبيحه” ترتدي الغترة والعقال؟؟؟ …. الأسئلة مريرة، ولا يمكن أن نستخرج منها ولا حتى القليل من العسل، فهو على أي حال سيكون عسلاً مغشوشاً و مضراً للإنسانية، لأن الواقع الحقوقي للإنسان في الخليج يختصره مؤخرا قيام أكبر دولها بحملة اعتقالات من نوع غير مسبوق و قاسٍ في ذات الوقت حين قامت سابقا باعتقال صاحب الرأي و قامت لاحقا باعتقال زوجته لأنها طالبت فقط بإطلاق سراح زوجها!!! أي أن السلطات الأمنية قامت باعتقال “البيت” بأكمله. ومن الواضح أن السلطات لا تمانع من اعتقال “مدينة” بأكملها إذا استلزم الأمر…. “حماه تطل برأسها” .. كأن الاجهزة الأمنية تردد بعامية بل بعمومية شديدة “الدار دار أبونا..”، وبالتالي فحتى هؤلاء المواطنين “أو هكذا يفترض” ليسوا إلا مجموعة من الغرباء لا يحق لهم ما طالبوا فيه من إصلاحات ليست في حقيقتها إلا إصلاحات مجتمعية أكثر منها سياسية، ولا يعلم المتابع هل ما حدث من اعتقالات بهذا الشكل هو بعث لتاريخ عبدالناصر وهو يأمر باعتقال سيد قطب ثم يأمر باعتقال شقيقته حميده قطب!!!
من هذه الاعتقالات “العائلية” في السعودية، إلى الاعتقالات التي طالت الشحي ورفاقه في الإمارات، مرورا باعتقال الناشط الحقوقي سلطان الخليفي في قطر، وما حدث قبلها في البحرين و عمان وصولا إلى آلآف ” البدون ” في الكويت، في معتقل هو الأكبر من نوعه و إن لم تحطه الأسوار…
كل هذه الوقائع لا تعبر فقط عن حاله من قصر النظر تجاه حقوق الإنسان..”هناك من لايرى وجودا أصلا للإنسان في المشهد الخليجي” .. بل هي حالة من “العمى” الكامل في التعامل معها و هذه الحالة ليست قصرا على الأجهزة الأمنية، فهنا ماهو أكثر مرارة و أعني هنا حالة “التعامي” التي يتعامل بها الإنسان الخليجي تجاه قضاياه الحقوقية وكأن الأعين التي تقرأ في كتاب الله “ولقد كرمنا بني آدم”، تعتقد أنها ليست المقصودة بما ورد وأنها فقط المقصودة حين يقرأ عليها ما يخص وجوب طاعة “أولي الأمر منكم”…!!!
“ولقد كرمنا بني آدم”.. البعض يفسر هذه الآية بأنها تختص بكل مكان إلا الخليج.. كل العالم..إلا هنا !!!إلا هنا..!!!
twitter@khaledalgaafry
أضف تعليق