في الخليج قاعدة أن الكل يتحدث عن الشباب، والكل أيضاً لايفعل شيئاً من أجلهم وهذه القاعدة يستثنى منها قلة قليلة من الشباب الخليجي، لها وضع خاص بحيث أن “كل أحد” يعمل “كل شيء” من أجلهم، ولم يكن هذا الاستثناء بسبب مواهب لهم، أو قدرات فيهم، بل كل القصة أنه حين يردد كثير من الشباب الخليجي “هذا جناه علي أبي” … تردد القلة المستثناة من شباب الأُسر الحاكمه “هذا جناهُ (لي) أبي” …
الملاحظ على سلوك الجيل الجديد من شباب الأسر الحاكمة بالخليج أنه يتضمن أفعالاً وأدواراً وأقوالاً، تنقل مفهوم الحُكم من مفهوم الأُسر الحاكمة، إلى مفهوم الأُسر المتحكمة. فهم أصبحوا السلطة ليس بالسياسة فقط بل السلطة في الأدب والشعر، والسلطة في الاقتصاد، والتجارة، والسلطة أيضا في الرياضة، وفي كل ماتقع عليه أعينهم، وتصلهُ أيديهم.
وهذا مايختصره ذلك المشهد البائس المتكرر في مباريات كرت القدم حين يبذل اللاعبين من “أبناء الشعب” كل جهدهم وتلمع على جباههم حبات العرق حتى إذا تحقق الانتصار يقوم عادةً أحد شباب الأسر الحاكمة “أو شباب الله المختار” بصعود المنصة واستلام الكأس، وفلاشات الإعلام تلمع على وجنتي سعادته، لتنطلق بعدها التهاني متجاوزةً كل شيء وناكرةً كل أحد، لتقف منافقةً في مشهدٍ مقزز بأن ماتحقق كان بفضل جهود سعادته ودعمه اللامحدود أمّا “الأغيار” أو البقيه من أبناء الشعب “فمن أنتم!!؟”…
وما يحدث في الملاعب المفتوحة ينتقل بشكلٍ أقل وضوحاً وأكثر قبحاًً للصالات المغلقة، حين يحتل أصحاب السعادة المنصات في أُمسيات الشعر منشدين إيانا أشعار العشق والوجد وتاركين السهر والأرق لبقيةٍ من أبناء الشعب لا نعلم كيف طارت الأشعار من قلوبهم لتستقر على حناجر أصحاب السعادة!!.. لا شيء غير إننا وصلنا عصر السرعة وكل شيء أصبح قابلاً للطيران.. حتى أبيات الشعر!!…
– بيت على الطاير لعيون سموه.. وحتى “بحور” الشعر لن تعجز عن الطيران لعيونه..
فارق كبير بين الإلتفاف حول “السلطة” والإلتفاف حول ” التسلط ” الإلتفاف حول الأولى ربما يحمل معاني الولاء والتكاتف لكن ما الذي يحمله الالتفاف حول التسلط الحاصل من شباب الاسر الحاكمة في الخليج على كل مناحي الحياة، غير أنها العبوديه من الوريد إلا الوريد وهكذا أصبح الكثير من شباب الخليج “مطارزية “في الإمارات و”الخويا” في قطر والسعوديه و”الفداوية” في الكويت. هذه الأسماء الهاربة من حقيقتها التاريخية وأنها “مخصيي البلاط”، وما قاموا به من تجميل للإسم لا يلغي حقيقة الوظيفة.
مشكلة الشعوب الخليجية أن الأجيال الجديدة من شباب الأُسر الحاكمة ينفخ في آذانهم “كم أنتم عظماء” بمجرد ولادتهم، ثم يصبح لزاماً علينا نحن أن نثبت فيهم ولهم وأمامهم هذه العظمة التي أصبحت عبئاً على الشعب، متجاوزين أن الحقيقة في الإنتماء لأسرة حاكمة هي “عبء إضافي” على الفرد منهم.
وحتى زمن حدوث تغير في المفاهيم فلنكن على حذر من أن نطالب شباب الله المختار بالنزول من المنصة وارتداء “الشورت” في المباريات.. لأنهم “لارج” في كل شيء.. وكل الحذر أيضا من صعود المنصة ساعة الانتصار.. فهي لا تسع الكثير.. حتى أنت يا وطني.. أصبحت لا تسع الكثير.
@khaledalgaafry
أضف تعليق