كتاب سبر

تسقط الداخلية!

كنت في الثانية أو الثالثة عشر، عندما ركبت تاكسي أنا وإبن عمتي.. في القاهرة، جلست في المقعد الأمامي -بحكم الوزن- وبدأ سائق التاكسي الحوار الذي أعتدنا عليه من سائقي (التكوسه)، بادرنا “الأوسطة” بالسؤال.. ماتعرفناش بيكوا ياحضرات؟ قلت: فلاح، قال: إيه؟ فلّاح؟ مع إنه مش باين عليك أساساً هاهاها! وبعد الضحك قال موجهاً سؤاله لإبن عمتي: وأنته أسمك إيه؟ قال: مبارك.. فقال سائق التاكسي: مبارك؟ ياساتر.. يبقى لازم نوصّلكوا ببلاش.. وأنفجر ضاحكاً .. بينما نظرنا له فاغرين أفواهنا.. لجهلنا السبب المُضحك في أسم فلاح.. أو مبارك.

الآن وبعد مرور نحو 11 عام فهمت ماكان يُضحك ذلك -المسطول- سائق التاكسي، مبارك.. سقط! وسنشهد هلاكه قريباً.. بإذن الله ثم بإرادة وشجاعة وإصرار.. أهل ميدان التحرير، وكل ميادين التحرير في كل أرجاء أرض الكنانة.

كنّا سطحيين عندما أعتقدنا أنه وبمجرّد سقوط مبارك، أنتهت الثورة العظيمة وتحقق مطلبها الأساسي، وسيصبح المصريون على حرية وديمقراطية وعدل ومساواة، بينما مايحدث في مصر الآن أهم وأخطر بكثير من تلك الثمانية عشر يوماً.. منذ إنطلاق ثورة 25 يناير حتى سقوط الطاغية محمد حسني مبارك، أقول أهم لأن بها سيتحدد مصير مصر، وما إذا كانت ستنجح الثورة بتنفيذ مطالبها أم ستكتفي بإطاحة رموز الفساد -شكلاً- وإستمرار سياستها وفلسفتها وكيفيتها -مضموناً-.

وزارة الداخلية المصرية، هي أحد أبرز أسباب “إنتكاسة” الثورة المصرية المجيدة، وبإستمرارها -بشكلها الحالي- سيستمر تذبذب الثورة والثوار، ويجب إعادة هيكلتها، وإزاحة كل (الضبّاط الكبار)، الذين كانوا ومازالوا يسبّحون بحمد النظام المخلوع، ومن غير ليه.. كلهم كده زي الشطّار على المعاش، وكتّر ألف خيركوا.. وربنا يكفينا شرّكوا.

أبلغ وصف سمعته لوزارة الداخلية من الجميلة نوارة نجم عندما أسمتها بمقالتها (وزارة قوات الإحتلال)!! وهو وصف بليغ جداً.. لأن وزارة الداخلية ليست في خدمة الشعب كما هي في سائر البلدان، بل هي من يقمع ويضرب ويقتل الشعب، وهي من يرمي الشعب بالقنابل المسيلة للدموع، فهل يوجد بالعالم وزارة داخلية تفعل ماتفعله وزارة قوات الإحتلال في مصر؟!

دولة الرئيس الدكتور عصام شرف.. البعض راهن ومازال يراهن على قدرتك بإدارة المرحلة الإنتقالية، والبعض الآخر يرى بأنك فشلت ولسبب واضح ومعلوم، وهو إنك لا تملك صلاحيّات من سبقوك، والمجلس العسكري (مكتّفك)، ولكن بما إنك قبلت المنصب فأنت الآن مُساءل أمام الله قبل الشعب.

يادولة الرئيس.. وزارة الداخلية يجب إعادة هيكلتها.. فهي مازالت تطغي وتقتل أبناؤك المصريين، وهم في ذمتك، وحق أبناء الشهداء في ذمتك، والقَتَلة مازالوا أحراراً بل وبعضهم مازال على رأس عمله! فيجب عليك ألّا تتفرج، وتنقذ مايمكن إنقاذه من الثورة وأبناؤها.. وتعمل جاهداً على تحقيق مطالبهم المشروعة.. وإلّا فإترك المجال لغيرك.

***

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

***

Twitter @ALHShaSh

[email protected]

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.