دائماً ما تكون اهداف حفظ التنمية التي تصوغها القيادة السياسية في اي مجتمع تحقيق الرخاء للمواطنين و بناء مجتمع الرفاه، و هناك تصورات و آليات متعددة لأنجاز هذه الخطط تأخذ بعين الاعتبار الاوضاع الداخلية في المجتمع ومؤشراته المختلفة وكذلك الاوضاع الخارجية، و هي ضرورية كي تتحقق استراتيجية التنمية حسبما يراد لها.
و لكن في الخطوط العريضة لأية خطة للتنمية في اي زمن يجب الانتباه الى التفاصيل، فهي كذلك تسهم في توجيه اهداف التنمية واختصار الزمن لتحقيقها , و الاهم في كل تلك التفاصيل النظر الى الموقع الذي يحتله الفرد في هذه الخطة، إذ يجب ان يكون للفرد موقعاً جوهريا ً طالما انه الركن الاساسي في المجتمع، كما ان علاقات الافراد بعضهم ببعض و تحديداً ان تحكم تلك العلاقات قيم مثل العدالة و المساواة هي كذلك يجب ان تحتل موقعاً جوهرياً في التنمية.
هذا القول نورده للتأكيد على ان أية تنمية لا يمكن لها ان تتحقق دون ان تجعل اسثمارها الاول و الاكبر في الافراد، ويعلم الاقتصاديون و السياسيون الى ان كافة النهضات التي شهدتها دول مختلفة في الزمن الغريب مثل النمور الاسيوية و غيرها لم تتحقق الا بعد ان استثمرت قيادتها السياسية ثروتها و امكاناتها في الافراد كي يحققوا النهضة و الرقي لبلدانهم في زمن قياسي و لو اننا نظرنا الى تجربة ماليزيا و قبلها سنغافوره و هما نموذجان باهران في التنمية لوجدنا ان الاستثمار الاكبر في هذين البلدين كان في افراد مجتمعاتهما.
وذلك الامر مهم جداَ، فالاستثمار في الافراد لتحقيق التنمية يتطلب بداية ارساء العدالة الاجتماعية و مبادئها بحيث لا يكون هناك محاباة او تفضيل لفرد دون فرد او لفئة دون اخرى، فالجميع سواسية لهم ما لهم و عليهم ما عليهم دون زيادة او نقصان. فالافراد يجب ان يحظوا بنفس مستوى جودة التعليم و الطبابة منذ ولادتهم و كذلك الامر في الاقتصاد و الترفيه و الثقافة و غيرها.
فلا يمكن الحديث عن تنمية لا تقف على قيم العدالة الاجتماعية و غيرها من القيم، ان اي تنمية حقيقية يجب ان تنظر لكافة مكونات المجتمع على انهم متساوون ولهم الحق في ان يكون دربهم في الحياة ممهداً كدروب غيرهم، هل نتوقع تنمية و استثماراً في الافراد يكون فيها نصيب بعضاً منهم من خدمات التعليم و الطبابة و الثقافة ضئيلاً و لا يحصل الفرد عليها الا بشق الانفس؟
ان التنمية و الاستثمار في الافراد يشترط بداية ان يحظى الافراد بغض النظر عن موقعهم الجغرافي وتصنيفاتهم التي اسبقها عليهم الاخرون بنفس جودة الخدمات التي يكون معيارها الوحيد العدالة الاجتماعية، ذلك هو الشرط الضروري للتنمية و غير ذلك ليس الا تمسكاً من حليمة بعادتها القديمة !!
و الله من وراء القصد
أضف تعليق