.. هو ولدي وولدك وولد كل عربي حر,هو ذو بشرة سمراءوإلى جواره في ثلاثة أسابيع ذابت أجسام عشرات الآلاف و ماتوا جوعا في الصومال، ونحن لا قمح لدينا نهديه ولا مال، وربما سيصوم العراقيون رمضان هذا العام ثلاثين أو تسعا وعشرين وأحيانا ثمانية وعشرين يوما، وأكيد أننا سفتقد استطلاع هلال القذافي، ولا أدري هل سيتفق الأزهر مع المؤسسة الدينية السعودية في تحديد الهلال أم سيختلفان كما حدث مرارا لسبق سياسي، و أعلم أني وأنك والسامعين والقارئين والمعتصمين وأهل العباسية وروكسي. سنجتهد فنصوم لرؤيته ونفطر لرؤيته، وقد نختلف: في ماذا نشاهد كل مساء، وسينسحب من بيننا أخيار يعمرون بيوت الله، وسيتسرب الشهر الكريم من بين أيدينا كحبات مسبحة تغيب بين إصبعين كعادته.
وأكيد بأن وأن وأن، وأيضا أكيد بأن في الصومال اثني عشر مليون مسلم لن يجد معظمهم ما يفطر عليه، وما يتسحر به، فابشروا وافرحوا، وانشروا الزينة ودقوا المزاهر وتعالو، نحتفل كعادتنا، ثم نبكي كعادتنا ونتهم الصليبية العالمية، والصهيونية الإمبريالية، باستغلال فقر الناس والعمل على تبشيرهم.
فقد جلسنا نتسابق في كل مسخرة، والمسخرة ناصبة مواجعها في القرن الإفريقي، وقد تموت الحرة ولا تأكل بثدييها، ولكن -مع احترامي لقوة إيمانك بالله الواحد- ضع نفسك مكان صومالي برزت ضلوع ولده الصغير، وأشرف على الموت جوعا وعطشا وعريا وشمسا لا تبقي ولا تذر واختفاء تحت جلد مهترئ، ضع نفسك مكانه يا عم المؤمن الحاج المعتمر، والمساعدات تأتيك واللبن والخبز والدواء والماء، شريطة ألا تقول: “أحدٌ..أحد” ولا أنتظر منك إجابة ولا اتهاما في العقيدة، بل إن لدي من الجرأة أن أجيب، لو كنت مكان الطفل المشرف على الزوال، هل تدر ماذا سأصنع؟ الله وحده هو القادر على تثبيتي، أما أنا فعذري كما قال أحمد بن حنبل وهو في فتنة خلق القرآن:”إنما أنا رجل ضعيف أخاف الجلد”، وإنما أنا رجل خفيف، أجن لو مس سوء ولدي، وأصبح كالقط أعوي وأتلمس بقايا طعام ولو من مائدة الصليب الدولي، هذا أنا مجرد عن أي ادعاء عنتري، إلا أن يرحمني ربي، ويقضي أمرا كان مفعولا.
وقالت إحدى اللاجئات لشبكة (يورونيوز) الإخبارية: “نحن نموت في ظل غياب المساعدات الإنسانية العاجلة، أين هو العالم الإسلامي، أرجوكم سارعوا لإغاثتنا، نحن نعاني الأمرين، على العالم أن يتحرك سريعا لإنقاذ حياتنا”..و مجاعة الصومال تتفاقم، في ظل تجاهل العالم الإسلامي، لأسوأ كارثة إنسانية وأكبر أزمة غذائية تتعرض لها القارة منذ 60 عاما.. وإن عملية إنقاذهم تتطلب 120 مليون دولار، لتوفير المواد الغذائية الضرورية، والعلاج للأطفال الذين يموتون بمعدل يتجاوز 3 أضعاف المعدل الطبيعي في ظروف مماثلة، وهو ما لا يعرف الأطباء سببه حتي الآن.
لكن أكثر ما يجهل الأطباء سببه حتى الآن، هو ذلك القلب العربي القاسي كالصخر، والداني المتدني في الوحل، ويفخر أعرابي منذ أيام لانضمامه لترهات”جينس”بأن كتب اسمه لمسافة خمسة عشر كيلومترا وصوره بالقمر الصناعي، واللبن الصناعي والطبيعي حرام على أطفال الصومال، وألله يا زمان.
فابدأ بنفسك فجنيه يواجه زوال أمة، وجنيه يحفظ هوية، وجنيه أغلى وأعلى يسد رمق طفل أعجزه الجوع حتى عن البكاء.
أضف تعليق