يصعب على الكثير التفريق بين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الحق، بين الضوء والنور، ولا الظل ولا الحرور، والحرية والاستعباد، والمعرفة والجهل، وبين الديمقراطية والاستبداد . ولكن مهما اختلط الأمر وسيطر على عدد كبير من عقول الناس وأفئدتهم فهو إلى زوال واضمحلال والآية القرآنية تقول (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون). والمعركة اليوم ليست مع الطاغية والديكتاتور بل مع المنظومة التي شكلت البيئة الفاسدة الديكتاتورية والنظام الذي خلق الاستبداد والطاغوت في العالم العربي، وأشركه بالطاعة مع الله والتسليم به قبل العيش في الوطن (الله والرئيس والوطن وبس)، مع التحالف غير المقدس والمدنس بين الطاغوت (Tyrant) والكهنوت (Priesthood).
كما أن هناك “فداوية الشيوخ” كما هو معروف عندنا في الخليج، نستطيع إن ننحت على شاكلتها مصطلح “فتاوية الشيوخ” وهم الذين يطوعون الدين لخدمة الحاكم، ويشرعون الفتاوى لتحويل عباد الله إلى عبيد خانعة لسلطة الملوك والأمراء والشيوخ والسلاطين؟!
كانت مظاهرة حافلة بالعبر وهي تقوم بحرق كتب احد فقهاء السلاطين العرب الذين يشار لهم بالبنان احتجاجاً على فتاويه التي اعتبروها مؤيدة للنظام، وهي لم تكن تشابه تلك الحادثة التاريخية الفاصلة بلا كانت نقيضه لها، حينما أقدم القوم على حرق كتب فيلسوف قرطبة ابن رشد ( 1126-1198م), لتنتقل منارة العلم والحضارة من ديار الشرق إلى الغرب في رحلة ألا عودة إلى هذه الساعة.! أبشع الفتاوى تلك التي أجازت السجود على صور الرئيس السوري والتي جاءت من احد مشرعي النظام في سوريا محمد البوطي والذي شبه خروج المظاهرات الشعبية المستمرة المطالبة بالحرية بأنها مؤامرة حيكت في دهاليز المخابرات الأمريكية والصهيونية والأوروبية والرجعيات العربية النفطية في إشارة إلى دول الخليج.
احد امة المساجد المغمورين السنة في السعودية وهو حمود العنزي هاجم الثوار الليبيين و اعتبرهم “خارجون على الشرعية” و”خونة”، ووصف القذافي “بولي الأمر الذي لا يجوز الخروج عليه”. بل ظهر على القنوات الليبية التي تتحدث باسم نظام القذافي مشنعاً على الثوار، ومتهماً إياهم بالخيانة وعدم احترام حرمة الإسلام، وكرر دعاءه للقذافي وحاشيته. كما و طالب العلماء المشايخ الآخرين وربما “كل من أفتى أن يتراجع عن فتواه”، داعيا إلى “الوقوف مع القذافي ضد الثوار”.
وكيل المرجعيات الشيعة في الكويت دخل سوريا من شباك النظام و ليس باب الشعب. وقال الوضع في سوريا مستقر وهادئ والنظام السوري مسيطر على الأوضاع تماما وقد ثبت أن هناك مؤامرة دولية كبرى على سوريا والجماعات المتحجرة الطائفية وقعوا في شراكها والفضائيات تكذب على الناس وتصور الخيال واقعا.
عالم الاجتماع الراحل د. علي الوردي ، يشير في كتابه ‘وعاظ السلاطين’ أن الواعظ يصفق للظالم ويبصق في وجه المظلوم. ولا يفتأ الواعظون يدعون لأصحاب السيف والسوط بطول العمر في الصبح والمساء. فهم يقولون للظالم أحسنت وللمظلوم أسأت. ويظهر مدى النفاق الذي يتعاطاه الواعظون حيث هم ينذروننا دوما بعذاب الله بينما هم يهشون ويبشون في وجوه الظلمة ويقومون لهم احتراما وإجلالا، إن مشكلة الوعاظ أنهم يأخذون جانب الحاكم ويحاربون المحكوم ولازال الوعاظ يعيشون على فضلات موائد الأغنياء والطغاة لذلك يتغاضون عن تعسفهم ونهبهم وترفهم ثم يدعون لهم بطول العمر فقد وجد الطغاة في الواعظين خير عون لهم في تخدير الناس وإلهائهم، فينشغلوا عن ظلم الطغاة وفسادهم وطغيانهم.
أضف تعليق