كتاب سبر

أبناء المناطق الخارجية كويتيون!

إنني اعتقد فيما يشبه اليقين بأن القسمة الثنائية للمجتمع الكويتي – كما يتبناها بعض النشطاء الكويتيين – إلى مناطق داخلية و خارجية، قد أصبحت للأسف أمراً مسلماً به لدى غالبية الكويتيين ومن ضمنهم أولئك المعترضين على هذه الثنائية. ربما الأمر يعود إلى كون المشكلات المتعددة والعويصة يكون التعامل معها سهلاً متى ما اختزلت الى شكل بسيط كالنقيضين مثلاً، فالتعقيد و التشابك يجعل من الفهم و الحلول أمراً صعباً. 


و لكن هذه الثنائية بعد أن أصبحت رائجة تستحق أن تبرز قصورها لأن من يتبنى هذه النظرة لن ينتهي به الامر إلا بتصورات خاطئة “تزيد الطين بلةً” كما يقول المثل الدارج إذ من المهم الاشارة هنا أن الأسس التي تقوم عليها هذه الثنائية هي في حقيقتها أسس واهية، فعندما نتحدث عن ثنائية حضرية (داخلية) بدوية (خارجية) فالشواهد العينية تبين غير ذلك تماماً، فالبداوة كمفهوم اجتماعي لم يعد لها وجود في مجتمع صغير و متطور كالمحتمع الكويتي، و من جانب آخر فإن الأصول العائلية لمكونات المجتمع الكويتي تدحض تلك الثنائية فيكاد المجتمع الكويتي بكل مكوناته يشترك بالأصول ذاتها بغض النظر عن القرب أو البعد من مركز المدينة، بحيث أن المجتمع الكويتي يصدق عليه تشبيه الشبكة التي تتشابك و تتداخل في مكوناتها بحيث يغيب المركز و يختفي و تبقى الشبكة بأكملها.


مع ذلك فإن هناك من يضفي طابعاً خاصاً على من يسكن المناطق الخارجية و الداخلية، أو يمكننا القول بأن هناك بالفعل ما بجعل كل الأفراد الذين يسكنون في منطقة جغرافية محددة مؤطرين بوصف معين، فجميع من يسكن المناطق الخارجية يشتركون في كونهم يعانون من مشكلات تتعلق بالتطبيق الجاد لمفهوم العدالة الاجتماعية، فهؤلاء بغض النظر عن انتماءاتهم وأصولهم تجمعهم المعاناة من رداءة الخدمات التعليمية و الطبية و الاجتماعية و الثقافية و إلى الإهمال الذي تعاني منه مناطقهم مقارنة بالمناطق الأخرى المسماة الداخلية، و كي نكون في غاية الوضوح فإن ما يكتوي به هؤلاء هو ضآلة نصيبهم من الحقوق التي كفلها لهم الدستور و القانون.


و كأن الامر كما يذهب المثل القديم بأن الفقر هو ما يوحد  الناس، فالأفراد الذين تحتضنهم ما تسمى بالمناطق الخارجية ليسوا فقط من فئة معينة أو مذهب معين بل هم كويتيون يتوزعون على النسيج الاجتماعي الكويتي، و لكنهم في الوقت نفسه في غاية البعد عن التمتع ببعض حقوقهم الأساسية، ربما كانت هناك ظروف مختلفة انتهت بهم إلى ذلك و لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال، حرمانهم من فرصة كي يكونوا قيمة مضافة في المجتمع الكويتي الكبير، وبأن يحصلوا على ذات الحقوق التي يحصل عليها أقرانهم من طبقات اجتماعية أخرى. فالكويتيون الذين وجدوا أنفسهم يوصفون بأبناء المناطق الخارجية هم التعبير الحقيقي عن الوطنية الكويتية و لو كان دافعها الحرمان، فالحرمان يجعل الفرد أكثر التصاقاً بالوطن و الأرض. والله من وراء القصد.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.