يفخر المسؤول أمام ضيوفه بمحافظته على هويته “الاعتبارية”.. فهو يلبس اللباس الوطني: غترة وعقال ودشداشة “تفصال كويتي”، وفي مطبخه يقدم أشهى المأكولات الوطنية: قبوط، مطبق،أحلى جريش وهريس، وألذ لقيمات… فهذه هويته التي لا يمكن أن يتخلى عنها.
وهو يقيم حفلا كبيرا يجعل فيه زوجته ترتدي ملابس جذابة، مبهرة، تزين صدرها بعقد نادر، وتطيل شعرها بوصلات كثيفة.. لتستقبل ضيوفه معه.. (ونسي أن يسأل نفسه: هل حافظ في هذا الفعل على هويته الاعتبارية”؟)
وأعرف للهوية جزأين: مادي، ومعنوي.
أما المادي فهو ما ذكر أعلاه يضاف إليه.. المباني القديمة، والحرف، والمشغولات، والألعاب.
أما المعنوي، وهو الأهم والأرسخ.. فتمثلة مجموعة القيم والعقائد والعادات الاجتماعية والقناعات العامة والتقاليد و”السلوم”.
فماذا عمن تخلى عن الجزء المعنوى وحافظ على الجانب المادي البحت، فظهر أمام الآخر “المهيمن” .. بلباس عربي.. وفكر أعجمي، بمظهر أصيل.. وجوهر دخيل، بهيئة وطنية ومحتوى مستورد؟
ماذا نسمي ذلك؟
ماذا نسمي من يبرز عاداته المادية، لكنه يحاول أن يخفى عاداته المعنوية.. وهو يعلم علم اليقين ان لاقيمة له إلا عندما يكون هو.. هو، لا أن يكون الآخر.
وقد عرف عن العربي أنه شديد الغيرة على أشيائه عموما، شديد العفة على محارمه خصوصا، والثمن المباشرعنده للشرف هو الدم.. (يدفعه كاش)، والمساس بالشرف لاينحصر في الزنا فقط، فالاجتراء على الأنثى مساس بالشرف، واستابحة النظر الى المحارم مساس بالشرف.
وقد جاء الاسلام في جزيرة العرب ليثبـّت ويؤصّل جانب الغيرة، ويجعله معنى ساميا ثم ينقله من الخصوصية العربية.. إلى العموم الاسلامي في الشرق والغرب.. ومن يقرأ “فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض” – الأحزاب- يعرف أي حدود ذهب إليها هذا الدين العظيم ليحقق تجليات الغيرة بأجمل وأسمى معانيها..
فهل يعي المسؤول الذي يقيم حفلا رمضانيا يقدم فيه زوجته في سفارة أو وزارة أنه يخرج من إطار الهوية العربية والإسلامية والوطنية ويكسرعرفا عاما، وأن حضور زوجته ما حظى إلا بالاعجاب الغريزي البحت والمحض، لأنها كانت في حفل الاستقبال قطعة ديكور مكملة للمشهد الجمالي تصافح وتبتسم، فالاعجاب بفكرها ليس له موضع هنا، بل مكانه في عملها وإنجازها، وأن هذا الاعجاب من هذا النوع الحسي كلما ازداد في الزوجه نقص عنده مباشرة، فالعملية عكسية لا طردية، فليته يعرف.
وقد يقول قائل إنه البروتوكول.. فأقول له، فأين هذا البروتول عن بقية المسؤولين لم لم يفعلوه، وهل يلزمه البروتوكول احضار زوجته، وهل يمنعها البروتوكول أن تقيم في بيتها حفلا خاصا بها تستقبل زوجات المسؤولين
وقد يقول قائل إنها حرية شخصية بحته، .. دع الرجل يكون حرا في ظهوره، فهذه ديبلوماسية..
اقول له.. هو حر في ظهوره الشخصي، عندما يكون في إجازة خاصة، فليفعل هو وزوجته ما يشاء وما يحلو لهما، لأنه في هذه الحالة يمثل نفسه.. وليكن كما يحب أن يكون.. بعيدا عن الناس، فالله هو الرقيب والحسيب.
لكنه عندما يمثل الوطن في ظهوره.. فعليه يظهر بهوية الوطن كاملة.. خاصة إذا كان شخصا نحبه، ولا نرضى أن يمسه أو يمس أهله سوء.. وهو ما حدث بالفعل مع أحد المسؤولين الذين نحبهم ولا نرضى لهم الزلل، ونغار على محارمهم.
إن من تتجرأ وتلغى اسم والدها وتتسمى بزوجها، فقد خانت هويتها الاسلامية، ومن استقبلت ضيوف زوجها بصدر متأهب، فقد خانت هويتها الوطنية، ومن قدم لضيوفه طبق “مرقوق” مع كأس نبيذ فقد خان تقاليده، وكلما أسرف المسؤول في الغي جرح مواطنيه، وقد قال الشافعي: (من وضع نفسه موضع الشبهات فلا يلومن إلا نفسه).
اللهم أصلح أحوالنا وآمنّا في أوطاننا وأصلح ولاة أمورنا..
أضف تعليق