خصت الكاتبة وضحة المحمد ((سبر)) بمقال لها بعنوان (أنا والرئيس).. والمقال كتب بلغة فريدة، وفيه من الإسقاطات والرموز ما نترك للقارئ أن يكتشفها بنفسه.
أنا والرئيس
وضحة المحمد
يا الله.. حتى جميل لحظاتنا ما عاد يردعك عنا! عجبا.. كيف استطعت أن تصرفني عن ابني وأنا معه في طريقي إلى روضته! كيف أذهلتني عن محادثته وممازحته، وشغلتني.. بملاحقة المبتسم من صورك، تلك التي تراءت لي في كل حفرة وقعت بها سيارتي، وعلى بقايا كل شجرة محتضرة ارتكزت – طيبا منها – على جانبي شارعي ، بل ورأيتها – أي المبتسم من صورك – خلف وجوه القوم الساخطة من حولي، ممن تراكمت سياراتهم وتعطلت مصالحهم عالقين في شبكة الطرق المحدودة والمتهرئة التي أزعجت نظري .
ماكو فايدة.. سيدي الرئيس، أرانا مجبرين على “الإقرار” مرغمين على “الاعتراف” بأنك اليوم.. الرجل الأهم في حياتنا! فما عاد حديثنا إلا فيك.. أو عنك.. أو حولك، وها أنا أطوره أو أدهوره بالحديث معك!
ما عدنا نحسن الابتعاد عنك، فأفعالك دوما تجذبنا نحوك، كمركز الإعصار أنت سيدي، ساكن هادى ” كاشت” فيمن حولك، أما نحن فلسنا إلا المتطايرين المتقاذفين المتصادمين.. بسببك، تبخرت على يديك أحلامنا، وباعدت بيننا وبين مبادئنا وما نرتضيه لأنفسنا.. حتى أنكرنا أنفسنا، واحتجنا إلى مراجعة أوراقنا لنتذكر من نحن وما مواقعنا ، وهنا بالتحديد أجد في النفس غصة تدفعني لأحكي لك قصة، علها تسليك في فراغ مركزك..
فأنا يا سيدي وبكل فخر أقول أنا.. من نساء تتلمذن على سيرة من هن أمثال أم سلمة رضي الله عنها.. نرى السياسة شأن رجالي يعركهم ويعركونه والأصل فيهم أنهم يحسنونه، أما نحن فلا نشارك في السياسة إلا فضلا أو تفضلا، فإن فعلنا فعلى الرجال تقدير ذلك منا، كما فعل النبي عليه السلام مع أم سلمة في رأيها المشهور بعد صلح الحديبية، وكما عادت أمي أم سلمة بعده إلى شأنها نود أن نعود، ولكنك يا سيدي.. لا تدعنا!
لقد أفزعتنا بسوء إدارتك على وطننا وأنفسنا وأهلينا فكيف نتركك وقد جعلت السياسة ضدنا ؟.. مما دفعنا إلى أن تسربلنا مع الرجال؛ فلبسنا لأمة الحرب جميعنا حتى ما عدنا نميز رجلنا من امرأتنا ولا طبيبنا من معلمنا أو موظفنا كلنا مشغول بصد ما تفعله بنا.. لا لنا، كلنا في نفير عام و”جهاد دفع ” في مواجهتك .
سيدي.. لست أتحدث عن تلك النسوة التي ألقت نفسها في أتون السياسة.. لتشقى، واللاتي سمحن لسياستك أن تفتلهن فتلا وتصنع منهن حبال غي وجهلا ، فهؤلاء تمنيت لو يبعث لهن ” المعري” وكفى به بمثلهن شامتا.
إنما أحدثك عن الزوجة والأم والموظفة .. ممن تريد أن تنشغل عن السياسة بالأولى من أمورها والرقيق من حديثها ، ولكن… أنا لهن ذلك وأنت رئيس وزرائنا ؟!!
يا الله.. كم أغبط النساء في الأزمنة التي أحسن ساستها .. قيادتها، وكم أتمنى.. رحيلك.
أضف تعليق