كتاب سبر

الحكومة تهدينا مأزقاً شاملاً

أعتقد أن مسلسل الإضراب الذي امتد ليشمل أغلب إدارات الدولة، وهو بالمناسبة الأكبر في تاريخ الكويت، يستحق قراءة متأنية؛ لأنه جرس إنذار مدوي للطريق المظلم الذي يتجه إلى الكويت بإدارة الحكومة الحالية.
فهذا الإضراب يشير الى مأزق شامل و آخر نوعي، أما المأزق الشامل فيتمثل بعجز الادارة الحكومية عن فهم واستيعاب متطلبات الشارع الكويتي، فالارتفاع المتزايد في اسعار السلع و الخدمات و الغلاء غير المسبوق من جهة وثبات سلم الاجور و الرواتب لموظفي الدولة من جهة اخرى، صنع أزمة معيشية أصبحت تهدد حياة أغلب الكويتيين.
إنني لا أبالغ هنا في التحدث عن هذا الخطر، و يكفي أن ندع الأرقام تتحدث، فليس هناك أصدق من الأرقام والإحصائيات لرصد الظواهر، للنظر الى اجمالي الكويتيين الذين أدرجوا ضمن برنامج صندوق المعسرين، وهو البرنامج الذي أشبه ما يكون بالإقرار غير المباشر، إن شرائح هائلة من المواطنين قد أشهرت إفلاسها، وأقصد هنا أن يسلط سيف الدين على رقابهم وأن توكل مهمة تخطيط حياتهم المالية و التصرف بها إلى ادارة حكومية.
على الجانب الآخر، لنقرأ جيداً الرقم الإجمالي للكويتيين الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية؛ لعدم قدرتهم على الوفاء بالدين، وأولئك الذين تنظر المحاكم في قضاياهم. فهذه وتلك تشكلان نسبة لا يستهان بها من إجمالي عدد سكان الكويت، وبالطبع لن أتحدث هنا عن ظواهر وممارسات أخرى تفشت في المجتمع الكويتي و كانت غريبة عنه ولا أصل لها في التاريخ الكويتي.
الذنب الحكومي في هذا المأزق الشامل كبير , فقد اخفقت الحكومة مساواة الرواتب و الأجور والبدلات في وظائف ومهن متشابها، كما أنها لم تحاول ربط سلم الوظائف و الأجور بمعدلات الغلاء و الزيادة في الأسعار، وهو ما شكل معاناة كبيرة لشرائح متعددة من المواطنين كان الاضراب رد فعل عليها. فضلاً عن ذلك، فإن الحكومة فشلت فشلاً ذريعا في ضبط عملية الغلاء و ارتفاع الاسعار والتي كان الاغلب منها ارتفاعاً وهمياً، وضاعف من هذا الفشل التسويف و المماطلة في تنفيذ خطة التنمية او برنامج عمل الحكومة .
و لكن الأنكى والأشد في تصوري يتمثل في أن الحكومة أرادت التطبيق الحرفي لوصفات مؤسسات دولية مثل البنك الدولي و التي طالبت بتقليص الانفاق الحكومي و تخفيض الرواتب، دون أن تتصدى إلى هذا المأزق الشامل و هو الأمر الذي لو كان قد طبق لأصبحنا أمام كارثة إنسانية بمعنى الكلمة. فضلا عن ذلك فإن الحكومة أمعنت في فشلها وبجدارة حينما استعانت باستشارات عالمية وأهملت ما أوضحت تقارير تلك الاستشارات من ان الاداء الحكومي يعاني من قصور شديد.
 بالطبع هذا المأزق الشامل الذي صنعته الحكومة الحالية يترافق مع مأزق نوعي نلاحظه في الأسلوب الانتقائي الذي تمارسه الحكومة في تقديم الخدمات التعليمية و الصحية و الاجتماعية، و سيكون لنا حديث فيه في المقال القادم بأن الله .
الوسوم

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.