كتاب سبر

طفل (بدون) طفولة!

أظْمَتْنيَ الدّنْيا فَلَمّا جِئْتُهَا
                            مُسْتَسْقِياً مَطَرَتْ عليّ مَصائِبَا
                                                                (المتنبي)

 
ترى.. هل هم مستمتعون؟ هل هذا هو ما يسمى اللعب؟ فأنا لم أعرف قط اللعب واللهو, كم أود أن أجري وأركض مثلهم متجرداً من كل شيء, حتى وإن لم أكن أتقن اللعب.. هيا هيا دعني أتقدم إليهم وأشاركهم.. لا لا ربما يأتي زبائن؛ ليشتروا من بضاعتي ولا يجدوني, وكيف أعود حينها إلى البيت دون أن أحمل ثمن دواء لأمي, أو أدخل الفرح لقلب أخي الصغير بقطعة الحلوى التي يحبها, كما يجب أن أوفر مبلغاً؛ لأشتري لأختي الكبرى فستاناً جديداً، فالعيد على الأبواب, وربما اللعب معهم بمثل عُمري يتطلب ورقة موافقة من “لجنة البدون”.. يبدو أن السور الذي بيني وبينهم لم يُشيد بالإسمنت “والطابوق” , إنما بصخور العنصرية, وجلمود الظلم..!
 ما كأني إلا أحد الشخصيات التي فرت من صفحات رواية “البؤساء” لفيكتور هيجو, فشروق شمس جديدة كل يوم, لا يعني لي سوى غروب شمس طفولتي, تهمس أمي بأذني صباحاً (قُم وليدي..قُم يا بعد عمري) صوتها يتأرجح بين عطف الأم على طفلها وهو غارق في نومه وبين نداء الحاجة لتوفير القوت والطعام, أنهض؛ لأسفك الكثير من الماء؛ محاولاً غسل بقايا أحلام تراكمت في عقلي, أدلي برأسي بالمغسلة؛ لأتقيأ ما تبقى من حلم ليلي لن يهضمه واقعي, وأمضي”أُطاعِنُ خَيْلاً مِنْ فَوارِسِها الدّهْرُ” طلباً للرزق تحت أشعة شمس مستبدة لظهيرة ديكتاتورية لا ترحم صغر سني ولا نعومة جلدي, فأنا لا أمد يدي.. إلا لرفعها للسماء بالدعاء متوسلاً إلى الله..!
 
سمعت أحدهم يوماً يقول”الصبر مفتاح الفرج” ولكن أنا تمارس الأبواب معي سلوك الجدران الأسمنتية.. وآخر قال”كن متفائلاً.. وانظر إلى نصف الكأس الممتلئ” ولم يمتلئ نصف كأسي المهشم سوى من دموعي, أتذكر أن الأطفال كانوا يرسمون في كراسهم بخربشاتهم شمساً وشجرة وطيوراً بشكل عشوائي إلا أنا كنت أرسمُ (وطناً)..! 
 
هل عرف السيد صالح الفضالة, كيف يتحول المهد إلى شكل اللحد, هل أجبر يوماً هو ومن في لجنته -التي لم يتعين فيها إبليس لعدم كفاءته- أن يجبروا نفسهم على العيش مع صديق كافر يرفض أن يؤمن اسمه (الجوع)..!
 
ألم يقرأ السيد وزير الداخلية قول المولى:”لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ”, ألا يعرف سيادته أن القنابل المسيلة للدموع التي ضربنا بها في”صليبية وتيماء” ونحن عزل إلا من حب الوطن, لا تجدي نفعاً مع من ذرف دموعاً حقيقة طوال عمره, وهل نسي سيادته ورئيسه أنهم بشر من سلالة الطين؛ أولهم نطفة أمشاج وآخرهم وجبة شهية للديدان, أم أن الضمير في روح وزير الداخلية هو خامس أهل الكهف, وحين يُنفق رئيس الحكومة اثنى عشر مليون دينار من أجل متحف السيارات لا يعلم أن هناك الآلاف من البشر ينفق كل لحظة أحدهم في بحر الوطن, ولسان حالهم يُردد بيت يحيى السماوي:

 أكــــــــــاد حتــــــى رفــــــــــات المـــيـــت أحســــده     غـــــــــداة يمــــــلك أرض القـــــبـــر فـــــي بلــــــدي
ابني.. ربما تندهش إن قلت لك إني مثلك تماماً, ولكن ليلك لا قناديل فيه, ودجى ليلي يخدش عتمته القليل من البروق, ولأن قلبك أبيض كلون الكفن يكافأ بقبر الحرمان, وهذا وطن لا ترتقي به إلى منزلة الإنسان إلا إن حملت كاغد ورقة صغيرة كُتب عليها (برجاء مساعدة حامل هذه الورقة).. يحلم فيه البعض بجلب دمية يلهو بها أطفاله، ومثلنا يحلم ألا يكون أطفاله دمى يلهى بها, كم هو معيب في دولة يدعى أنها دولة للقانون ويقف بها الكثير على أعتاب دستوره متسولين وطن مرددين:
(وطن!.. من أرض الله!.. وطن لوجه الله!)..
احذر يا بني، هناك رجل أمن قادم نحوك, ليس لذنب اقترفته إنما لأنك تعيش بعرق جبينك وربما تـُحال بقضية تضخم في حسابك ويسألونك من أين لك هذا..؟ يقصدون  بهذا كنز تملكه اسمه (القناعة) وليعيش خالد العدوة وزنيفر وخلف دميثير والحريتي ومخلد العازمي..!
 
صعلكة:
مضاجعة بين النور والعتمة..
أنجبت جنين اسمه (التكتل الوطني)
يشهق حرية.. ويزفر عنصرية..!!
 

twitter:@abo3asamm   [email protected]

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.