منذ أن بدأت الثورة في سورية وأنا أرجح أنها ستنتهى الى إسقاط حكم العائلة العلوية الذى اختبئ وراء هياكل وأفكار حزب قديم اندثر وولى. ولكن هذا الرجحان تحول الى يقين حينما رأيت البسالة والبطولة التى سطرها السوريون الأحرار وهم يواجهون آلة القمع الأمنية. كذلك تبدد الشك من قلبي بانتصار أبطال سوريا حينما تابعت الطريقة التي تصرفت بها العصبة العلوية الحاكمة تجاه الثورة.
فهؤلاء اتضح أن إعلامهم الرسمي شبيه بإعلام الاتحاد السوفيتي في السابق، فهم يطلقون نفس الأصوات التي يطلقونها منذ أكثر من نصف قرن ولا توجد لديهم كلمات أو مفاهيم تنتمي إلي عالمنا المعاصر الذي تغير إلى درجة كبيرة، فإعلامهم كالمعتوه الذي تصادفه في الطريق ويردد عليك الهراء نفسه الذي كنت تسمعه منه قبل سنة وخمس سنوات وعشرين سنة، فيكون كالمجنون الذي لايعرف سوى الحديث مع نفسه..!
وتصور النظام السوري أنه بهذا الإعلام يستطيع أن يقنع العالم الذي لا يفهم لغته أو صوته بكل الهذيان الذي يتفوه به من فترة لأخرى، وتلك كانت الهزيمة الأولى. ولأنه أراد أن يخنق جميع الأصوات في سوريا كي يبقي الهذيان الرسمي هو المصدر الوحيد لرواية الأحداث، لجأ إلى أساليب السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بأن أقفل البلد بوجه وسائل الإعلام معتقداً أنه قادر على ذبح السوريين دون وجود شهود على الجريمة، وتلك كانت الهزيمة الثانية.
فهذا النظام المركب على طريقة النظم الشيوعية السابقة أجهزته وهياكله متفسخة ومنحلة، وغير قادرة على إدراك قوة ونفوذ وسائل التشبيك الاجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر وبقية منجزات الثوره المعلوماتية، فشاهد العالم بأسره حقيقه ممارسات هذا النظام والطريقة التي يواجه بها شعبه الذي يصر على أن تكون ثورته سليمة.
أما الهزيمه الثالثه فكانت حينما اتضح أن هذا النظام عاجز عن الحوار والتفاوض مع شعبه وعن إدراك مطالبهم وعن رؤية التغيرات التي أصابت العالم والدول العربية الأخرى، فلجأ إلي القوة والعضلات؛ كي يعوض نقص العقل والأخلاق، ولكن تلك كانت برهاناً على ضعفه ووهنه وعلى أنه سيسقط سريعاً تحت وطأة غبائه، أليس هذا هو حال الثور الذي يستثيره الرداء الأحمر فينطح الهواء مرات عديده قبل أن يسقط على الأرض جاهزاً لتلقي طعنة الرحمة … فما بالكم إن كان هرماً غبياً قتلت جميع الثورات في العالم من كان يشكل معهم قطيعاً منسجماً..!
أضف تعليق