كتاب سبر

خرج السهم من النبلة ياوطني

بعد انتظار طالت مدته، وفي توقيت استغربه الكثير، أعلنت كتلة العمل الوطني عن تأييدها لكتلة المقاطعة بالمساءلة السياسية لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، كما طالبت بنهج جديد وحكومة جديدة ورئيس للوزراء جديد، وكذلك أكدت أنها ستحارب الفساد إلى أبعد مدى.. وما بدى مستغربا هو أن الوطني أعلن موقفه عن اسجواب سمو الرئيس مسبقا على غير ماجرت عليه العادة، حيث تعود الشارع على تريث الكتلة في البت بموقفها في الاستجوابات السالفة.
وكانت ترجع ذلك لحقها بسماع دفاع ووجهة نظر المستجوب، ومبررة ذلك أيضا بأنه نابع من تمسكها بالقنوات والأدوات الدستورية التي لابد وأن تسلكها جميع الاستجوابات، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا استعجلت كتلة العمل الوطني بالإعلان عن موقفها؟ هل اتخاذ هذا الموقف نابع عن اختلاف في المصالح مع الحكومة؟ أم هل أصبح الموقف الرمادي لايجدي خاصة بعد الإيداعات المليونية واستشراء الفساد؟
المنتقدون للوطني يرون أنه دائما مايتأنى في مواقفه ويتحاشى الغوص في الأعماق دون أن يجني اللؤلؤ، وأينما توجد المصالح تجد الوطني، ويعتقدون أن ذلك ربما غير مبرر في بعض الأحيان.
من جانبهم المؤيدون للوطني، كانوا يقولون إن الكتلة تلعب سياسة، وذلك من ضمن تكتيكاتها، ويرون أن لديها مبدأ ويعتقدون أن تلك التكتيكات تسهم بعدم خرق أي نصوص في الدستور.   
 ولو نظرنا الى تأني كتلة العمل الوطني في مواقفها دائما لوجدناها أنها من أفضل الكتل في مجلس الأمة تلعب سياسة، وهذا حق مشروع لها في سبيل تحقيق برنامجها الانتخابي، ولكن ماهو مرفوض هو التأني في اتخاذ المواقف في حال تعرض المصالح والقيم الوطنية للخطر. والمتابع لأداء الكتلة يلاحظ أن المتحكم بها أو المسيطر عليها أو الشخص المأخوذ برأيه فيها، هو النائب الفاضل مروزوق الغانم؛ ولذلك فإن قرارات الكتلة ربما تخضع لعاملين أحدهما سياسيا والآخر اجتماعيا ناهيك عن العامل الاقتصادي.
فالعامل السياسي، هو تفكير النائب الغانم برئاسة مجلس الأمة مستقبلا وهذا يتطلب عدم التصادم مع الحكومة، وكذلك بعض الكتل المؤثرة في المجلس واتخاذ المثل القائل لاتكن يابسا تكسر ولا لينا تعصر. أما العامل الاجتماعي، فهو صلة القرابة التي تربط الغانم برئيس المجلس، التي يرى البعض أنها تسبب الحرج للكتلة في اتخاذ بعض المواقف وتجعلها بين نارين، نار المصالح من جهة ونار المواقف من جهة أخرى. 
 ولكن بتصريحات الوطني الأخيرة ربما قد تغير معنى الموقف عند المنتقدين، وكذلك مفهوم المبدأ عند المؤيدين.. فالسهم خرج من النبلة لا يصد ولا يرد إلا في حال اتخاذ موقف مغاير لما أطلق -وقد حدث ذلك من قبل- نتيجة لأسباب قد يكون منها تقديم الحكومة إغراءات وتنازلات قوية كانت في وقت سابق خط أحمر لديها وربما تقبلها الكتلة وتحيد عن توجهها الحالي.
  
فيا أعضاء كتلة الوطني التاريخ يدون، والسهم ارتكز في مخيلة مؤيديكم قبل منتقديكم، فها أنتم قد أعلنتم موقفكم ووعد الحر دين عليه، فموقفكم الثابت قد يكون هو الكفة المرجحة لانتشال البلاد من مستنقع الفساد وكذلك المساهمة في الخروج من أتون التجاذبات السياسية العقيمة التي ربما تحيد عن جادة الصواب، فالأموال بدأت تستنزف، والمصالح الحيوية بدأت تنتهك، والثوابت الديمقراطية التي تنادون بها أخذت تحتضر. فثباتكم على موقفكم لحماية تلك المقدرات سيزيدكم شعبية وسيكون لكم قواعد عريضة على مستوى كافة المحافظات، وأما تراجعكم عن وعدكم وعهدكم قد يخسركم مؤيديكم بالاضافة إلى زيادة شريحة منتقديكم.
 وماسردناه مسبقا لايقلل من شأن كتلة العمل الوطني التي نحترم أعضاءها دون استثناء، وإنما يدل على ثقل الكتلة وأهمية دورها في صياغة وصنع التشريعات والقرارات السياسية والاجتماعية داخل البرلمان، ونتمنى أن تتسق وتتفق القرارات التي يتخذها أعضاء الكتلة مع المبادئ التي ينطلقون منها؛ لأننا نثق إن شاء الله إنهم سيتحملون مسؤولياتهم تجاه المجتمع والدولة، وسيضعون المصلحة الحيوية والعامة نصب أعينهم.
د.عبدالعزيز محمد العجمي
Twitter: @Dr_Abdulaziz71 

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.