القرارات التي صدرت عن جامعة الدول العربية بحق النظام السوري كانت دون أدنى شك مفاجأة من العيار الثقيل لم يتوقعها المراقبون، كما لم يتوقعها النظام السوري الذي حاول أن يقتل السوريين بدم بارد و بقدر كبير من الاحتيال على العرب والعالم. ولكن هذه المفاجأة يمكن لنا أن نفهمها متى ما علمنا حجم المأساة التي يعيشها السوريون والوحشية التي يمارسها عليهم النظام السوري. ما كان يحصل في سوريا هو يقيناً جرائم ضد الإنسانية وحرب إبادة تمارسها زمرة طائفية استبدادية ضد شعب ملتصق بأرضه عبر التاريخ، تمتد جذوره إلى حضارات الانسان الأول. و تلك في الحقيقة مصيبة ابتلى بها الشعب السوري حينما استولت على مقاليد السلطة تلك الزمرة؛ فقتلت الدولة والمجتمع معاً، هذه الزمرة نفسها كانت من أسوء خصالها الوحشية في التعامل مع السوريين، فهي زمرة عارية عن الأخلاق والنبت الطيب، تسللت كالجرذان تحت جنح الظلام إلى بيت آمن وديع.
حسناً فعل الجامعة، بإصدار هذه القرارات، ولكنها تظل قرارات ناقصة إن لم يصاحبها قرارات أخرى لا تقل عنها أهمية، ولكنها أكثر ضرورة و إلحاحاً منها؛ فالمطلوب الآن قرارا عربيا ودوليا في حماية المدنين السوريين من بطش الزمرة الخبيثة من انتقامها وهي تواجه مصيرها المشؤوم. وهذا القرار بحماية السوريين من القتل اليومي يجب أن تكون ضمانته القوى العسكرية الدولية ممثله بالأمم المتحدة و قواتها، فهي الوحيدة التي تملك القدرة على أن ترغم هذه الزمرة الشريرة على أن توقف آلات قتل السوريين براً و بحراً و جواً.
كما أن الجماعة العربية مطالبة كذلك بألا تكون شيطاناً أخرس يسكت عن الحق، فعليها أن تصدر قراراُ يطلب من الأمم المتحدة و مجلس الأمن بإحالة كافة أفراد الزمرة الشريرة إلى محكمة الجنايات الدولية كي يدفعوا ثمن جرائمهم و كي لا تضيع الدماء الزكية التي سالت في حمص و درعا و حماة و باقي المدن و القرى السورية.
إنها الآن فرصة كبيرة للعرب؛ كي يثبتوا للعالم أجمع أن كرامة الإنسان وحريته لها مكانة مميزة في هذه المنطقة من العالم، وهي كذلك فرصة لأن تطوي صفحة أخرى من صفحات الاستبداد السوداء في بلاد العرب على أن تطوي بأذن الله لها صفحات أخرى.
ويبقى أن التاريخ سيكتب بحروف من ذهب تضحيات السوريين الهائلة وهم يطردون من بلدهم و ترابه زمرة الجرذان النجسة..
أضف تعليق