الكلام هو وسيلة الاتصال بين البشر، ومن خلاله يمكن للآخرين أن يعرفوا ما الذي يفكر فيه الشخص، وما هي معتقداته، و ما هي حقيقته كأنسان. كما أنه يقدم لنا صورة وافية عن موقع هذا الشخص في الحياة؛ فالكلام كفعل إنساني له أهمية كبرى، لذلك فإن الكلام حينما يكون غير طبيعي أو يحتوي على عيوب و نقائص فإنه يبعث فينا إما الحزن او الضحك؛ لأنه بكل بساطة لا يؤدي الوظيفة التي من المفترض أن يقوم بها الكلام، بل هو يؤديها بشكل تبدو معه، وكأنه لا علاقة للحديث بالمتحدث.
والضحك على الكلام هو ما يجعل الناس تشعر بالسعادة والمرح على الطريقة التي يقلد بها الهزليون الشخصيات العامة والمشاهير، ولكن ذلك دائماً ما يكون شيئاً ناقصاً لا يفي برغبتنا الشديدة بالضحك، ربما لأننا نعلم منذ البداية أن الأمر برمته مصطنع ومفتعل، ومع ذلك فهناك من يجيد تقليد الأصوات بعفوية على الرغم من أنه لا ينتمي إلى مملكة الإنسان، ولكن إلى مملكة الحيوان التي من المفترض أن لا عقل لدى أفرادها أو على الأقل أن عقولها ليست بنفس التعقيد الذي عليه عقول البشر.
إن ذلك هو طائر الكاسكو الذي يجيد محاكاة مقاطع الكلام وترديدها على الدوام، وربما ينجذب البشر إلى الكاسكو؛ لأنه جريء، فهو يحاول تخطي حدود مملكة الحيوان ليدخل إلى مملكة الإنسان. و هو لا يجد صعوبة في تقبل البشر له للوهلة الأولى؛ إذ إن الكاسكو يتمتع بشكل جميل، فهو أبيض الهيئة واللون يخالطه أحياناً بعض الاحمرار و يتسم بالنعومة.
ولكن الكاسكو لمن يتمعن به هو طائر مسكين لا يملك من أمره شيئاً، مع أنه يبرع في تقليد الكلام وترديد ما يسمعه؛ ذلك لأنه يحتاج إلى مالك يطعمه ويسقيه ويعلمه ما يقوله ويردده، ويملي عليه العبارات التي عليه أن يرددها، و ليس بمقدور الكاسكو أن يردد عبارات سيده بين ليلة و ضحاها فهو يحتاج إلى التمرين والتدريب، وأفضل طريقة لتدريب الكاسكو أن تجعله يقف أمام مرآة و يبدأ بالكلام؛ كي يعتقد أنه يتحدث لمن هم على شاكلته و ليس لبني البشر..!
والكاسكو على الرغم من أنه أبيض وناعم وجميل ويبعث فينا الضحك، إلا أنه يبقى من مملكة الحيوان، لا يملك من امره شيئاً؛ لأن من يدربه ويعلمه هو من يملك وظيفة الكلام التي تجعل له موقعاً في الحياة، ذلك أن مالك الكاسكو وسيده يجعله ينطق بعبارات تكون مضحكة حينما تخرج عن الكاسكو، لنتخيل الكاسكو يردد عبارات سياسية على سبيل المثال دربها عليه سيده ومالكه، سيجعلنا ذلك نضحك كثيراً، فلا نتصور الكاسكو حتى في أحلامنا قد يغدو في يوم من الأيام زعيماً او وزيراً… ولكن ذلك ما يجعل الكاسكو في غاية الكوميديا والضحك على الرغم من أنه لا يعلم ذلك…!!
نــايــف المــرد
أضف تعليق