كتاب سبر

من سيفوز بالدائرة الرابعة؟

ظروف استثنائية تعيشها انتخابات مجلس الأمة 2012، فرضتها الأحداث السياسية التي سبقت حل المجلس وحراك الشارع الذي صاحبها مما ترتب عليها نتائج غيرت من تفكير ومفاهيم المرشح والناخب لرسم ملامح هذه الانتخابات. وحدث تحول سبق هذه الانتخابات قد يميزها عن سابقتها وهو خوض العديد من المرشحين لها خارج رحم الفرعيات، خاصة في الدائرتين الرابعة والخامسة، بعد حكم المحكمة الدستورية بتجريم الانتخابات الفرعية، وكذلك عزوف أغلب أبناء القبائل في الدائرتين عن حضورها أو تنظيمها، وخاصة الشباب الذين استندوا في قرارهم مقاطعة الفرعيات إلى قرار المحكمة الدستورية، بالإضافة إلى الفتاوى الشرعية التي صدرت من كبار علماء الكويت، التي حرمت كل أشكال الفرعيات، باعتبارها تسيء لنواب الأمة وتكرس الانتماء للقبيلة بدل الوطن.
  
 ويبدو أن الأقليات والتحالفات ولغة الأرقام المحسوبة ستحسم النتائج في ظل غياب الرؤية الواضحة لتوجهات الناخبين وقناعاتهم المشوشة؛ نتيجة لكثرة المرشحين الذين ينتمون لنفس التكوينات، خاصة في الدوائر الثانية والثالثة والرابعة.
وسوف نتطرق للدائرة الرابعة خاصة؛ لتأثرها بشكل واضح من قانون الفرعيات، فلعل نزول الكثير من المرشحين  كمستقلين خاصة من أبناء المطران والرشايدة وعنزة قد يغير من التركيبة النيابية لأعضاء الدائرة في المجلس القادم، فربما تتعزز فرص فوز أوجه جديدة وخاصة في محافظة الجهراء لم تكن في الحسبان، ولو نظرنا الى ديمغرافية الدائرة الرابعة لوجدنا أنه يطغى عليها التكوين القبلي إلى درجة أن بعض المناطق والدوائر ربما تحولت خلال جميع الانتخابات الماضية الى بلوكات مغلقة لقبائل بعينها.
ووفق قيد الناخبين في الدائرة التي تضم (103280)ناخبا وناخبة، فإن قبيلة مطير تمثل أكبر كتلة انتخابية فيها، ويتركز أغلبهم في منطقتي جليب الشيوخ وضاحية صباح الناصر، مع وجود كتلة متوسطة موزعة على مناطق محافظة الفروانية وخاصة منطقتي الفروانية والعمرية، وأخرى أقل كثافة في مناطق محافظة الجهراء. وتأتي في المرتبة الثانية قبيلة الرشايدة حيث يتركز أغلبهم في محافظة الفروانية ثم مجموعة صغيرة في محافظة الجهراء.وفي المرتبة الثالثة عدديًا تأتي كتلة الحضر الانتخابية التي تتكون من أكثرية سنة وأقلية شيعية تتوزع على محافظتي الفروانية والجهراء.
أما المرتبة الرابعة فتأتي كتلة قبيلة عنزة الانتخابية التي تتمركز في محافظة الجهراء، مع وجود محدود في بقية مناطق الدائرة، وهي بذلك تتشابه مع وضع قبائل الظفير وشمر والعجمان التي تتركز كتلتها الانتخابية في محافظة الجهراء، وتتوزع أعداد قليلة منها في بقية مناطق الدائرة. 
وهناك أعداد مهمة من الناخبين يتوزعون على مجموعة من القبائل ويلعبون دوراً مرجحاً في اختيار المرشحين الفائزين من بين المطران والرشايدة، وتأتي هذه التكوينات القبلية الأخرى حسب التعداد الانتخابي مرتبة على النحو التالي: الظفير، شمر، الشيعة، العجمان,العوازم،عتيبة، حرب، الصلبة، الخوالد، العداوين، الفضول، الدواسر، قحطان، المره.
ويتضح مما سبق من انتخابات برلمانية علو كعب نهج القبيلة ومفاهيمها على تفكير وسلوك أغلبية الناخبين في مناطق الدائرة الرابعة. وهذا بالتأكيد يعود لعدة أسباب منها ازدواجية تطبيق القانون على الجميع والعدالة الاجتماعية المنقوصة والتوزيع الجغرافي السيء للدوائر مما أدى إلى تخندق كل ناخب خلف عضو قبيلته؛ لتحقيق متطلباته ولحمايته، مما ترتب عليه محدودية انتشار القوى أو التيارات السياسية الأخرى في تلك المناطق، الأمر الذي انعكس على حصيلة تلك القوى والتنظيمات السياسية عبر تاريخ الدائرة. ومن المعروف أن القاعدة القبلية هي نقطة الانطلاق إلى طريق المجلس، ومن الصعب تجاوز مناطق الدائرة من دون عبور هذا الطريق الذي سلكته التيارات المحافظة (الحركة الدستورية – السلف) لاختراق الدائرة خلال العديد من الانتخابات البرلمانية السابقة مما شجع قوى أخرى السير على خطاهم ككتلة العمل الشعبي.وإن كانت النتائج في السابق تشير إلى حقيقة أن التصنيف السياسي لا يشكل عاملاً مهماً في خيارات الناخبين لضعف أداء التنظيمات السياسية عموما. ويبقى الانتماء القبلي والحضور العائلي هما العاملان الحاسمان في ذلك.إلا ان ذلك لا يستبعد قيام تكوينات أو تنظيمات سياسية ذات صبغة قبلية متنوعة ترفع شعارات تلامس هموم ومطالب الشارع- كما هو حاصل في التكتل العمل الشعبي وكتلة التنمية والإصلاح -قد تكون موجودة على الساحة مستقبلا لان القبيلة رغم تنوع مشاربها الا انها احد مكونات الدولة وباتت تحمل فكرا واعيا وهذا لا يمنع ان يكون هناك تيارا قبليا متنوعا ليصبح كاحد التيارات السياسية الضاغطة في العملية السياسية. 
ومن خلال قراءة الساحة الانتخابية في الدائرة الرابعة، فإن حظوظ المرشحين في الوصول إلى قاعدة عبدالله السالم خلال هذه الانتخابات بالنسبة لقبيلتي مطير والرشايدة مرتبطة بانطلاقهم من قوة فخوذهم داخل القبيلة، إضافة إلى مواقفهم السياسية الوطنية أو توجهاتهم المحافظة. وربما تعد فرص نجاح بعض المرشحين من داخل الفرعيات في الدائرة الرابعة تبدو ضئيلة، في مقابل الدعم والمساندة الكبيرة التي يحضى بها المرشحون العازمون على الدخول لمجلس الأمة بأصوات كل أبناء الدائرة، وليس تحت عباءة الفرعيات. أما باقي مرشحي القبائل الأخرى فعملية فوزهم ترتبط بقوة تحالفهم ومدى المصداقية في تنفيذه. ولا يمكن الاستهانة بكتلة الحضر والأقليات من القبائل الأخرى؛ لأنها من العوامل المؤثرة لمن يستقطبها إلى صفه. ويبدو أن هناك مرشحين جدد من محافظة الجهراء حيث نلاحظ أن جميع نواب المجلس السابق من الدائرة الرابعة كانوا من محافظة الفروانية فيما عدى النائب عسكر العنزي، الذي قدم من محافظة الجهراء.وجميع هؤلاء النواب ترشحوا من جديد باستثناء النائب مبارك الخرينج الذي لم يحافه الحظ في تشاورية الرشايدة، والنائب حسين مزيد الذي لم يخض هذه الانتخابات,مما قد يتيح المجال لاحد مرشحي الدياحيين.
وفي النهاية، نود أن نشير إلى أن ماسبق مجرد رؤية تم توقعها حسب دراستنا لوضع الدائرة الرابعة فقط دون غيرها، فقد تصيب وقد تخطئ، نتمنى ألا يفهمها أحد أنها موجهة ضده أو أنها لصالح طرف معين. كما نتمنى أن ينجح من هو الأصلح لخدمة المواطن وللذود عن مصالح الدولة.
د.عبدالعزيز محمد العجمي
Twitter: @Dr_Abdulaziz71 

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.