نعم تطبيق الشريعة الإسلامية والتحاكم إليها واجب لا جدال فيه، وهو من مقتضيات الإيمان: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم..}، لذلك على كل مسلم العمل على إقامة هذا الواجب ماوسعه ذلك.
لا أظن بأن هذه القضية محل خلاف بين عموم المسلمين، فضلاً عن الحركات الإسلامية، وبالأخص السياسية، لكن يمكن أن يدور الخلاف حول الوسيلة الأنسب لإقامة هذا الواجب، ففي وقت من الأوقات اعتقد قطاع عريض من الإسلاميين بأن تعديل المادة الثانية من الدستور (.. والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع) وذلك بإضافة “الـ” هو الطريق إلى تطبيق الشريعة، ولكن مع تطور تجربة العمل السياسي الإسلامي، استقر في وعي عموم الإسلاميين أنه ليس بالضرورة أن يكون هذا هو الطريق الأنسب لتطبيق الشريعة، لذلك بدأ الحديث والعمل على ما يُعرف بـ”أسلمة القوانين” وخصوصا أن المذكرة التفسيرية تُحمّل المُشرّع أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك، وتنص على أن المادة الثانية بوضعها الحالي لا تمنع من الأخذ بأحكام الشريعة كاملة وفي كل الأمور عاجلا أو آجلا، إذن فالمشكلة ليست في المادة الثانية بذاتها، وإنما في رغبة وإرادة المُشرّع (مجلس الأمة) وفي بذل وسعه للأخذ بأحكام الشريعة، وهذا يعني أن مجرد تعديل المادة الثانية لا يؤدي بالضرورة إلى تطبيق الشريعة في كل الأمور ما لم تكن هناك رغبة وإرادة حقيقية لدى المشرع، والشواهد على ذلك كثيرة.
هذا كله يجعلنا نستغرب من طرح قضية تعديل المادة الثانية من الدستور وبطريقة فيها شيء من المساومة، من قبل بعض الإسلاميين، في الوقت الذي يملكون في أيديهم وسائل أسهل وأسرع من أجل تطبيق الشريعة، فلماذا الإصرار على هذه القضية وفي هذا الوقت بالذات، رغم أن هناك طرق أخرى متاحة ولم يسلكوها من قبل؟!
ومن هنا أرى أن من حقنا طرح التساؤلات الآتية:
ماهي القوانين الإسلامية التي تريدون طرحها ولا يمكن ذلك إلا بتعديل المادة الثانية من الدستور؟!
وماهي التعديلات التي تقترحونها على القوانين الحالية ولايمكن الأخذ بها إلا بتعديل المادة الثانية؟
وأين أنتم من القوانين والمشاريع التي اقترحتها اللجنة الاستشارية العليا للعمل على تطبيق الشريعة، والتي مازالت يعلوها الغبار في أدراج اللجنة التشريعية في مجلس الأمة؟! لماذا لا تخرجونها وتتبنونها؟!
والسؤال الأهم.. هل بذلتم كل ما في وسعكم وطرقتم كل الأبواب واستنفدتم كل الوسائل لتطبيق الشريعة، ولم يبق أمامكم إلا تعديل المادة الثانية؟!
إن طريق تطبيق الشريعة واضح وسهل، لكنه يحتاج إلى عمل صادق، وجهد مخلص، وليس إلى شعارات ومطالبات شكلية، ومساومات مصلحية!
بقلم: علي السند
@al_snd
أضف تعليق