كتاب سبر

ستسقط الكويت

تشتت اليهود في الأرض عالة على كل دولة ينتقلون إليها, لا لأنهم يهود فقط بل لأنهم غرباء على الدولة التي سكنوها.. وهم محتقرون لا لأنهم فقراء بل لأنهم يملكون ما يستطيعون به السيطرة على اقتصاد الدولة , لكن اختلاف الثقافات والأعراق جعل الكثيرين ينبذونهم, لم يقيموا لهم دولة لا لأنهم لا يقدرون بل لأن لديهم أيماناً تاماً بأن لن تقوم لهم دولة إلا بعد خروج رجل خارق عن الطبيعة البشرية ومعجزة يدعونه بـ “الميسا” وهنا تكمن المشكلة.
 
الصدمة قد تلد معتقداً،  والمعتقد ربما سيكبر يوماً ما ويصبح إيماناً، والإيمان شيء مقدس لا يتزحزح في صدور المؤمنين به, والغزو الصدامي الغاشم للكويت، كون – بعد التحرير-  معتقداً (من هذا النوع) عند العامة وكان أكابر العقلاء منا يرى بأن الكويت لن تصمد طويلا أمام أي عدوان خارجي! , ربما أصبح ذلك إيمانا عند البعض, وربما أيضا وراء هذا الإيمان، عذر وهو “سرقات المال” الذي تحول إلى عادة روتينية يمارسها بعض المتنفذين لتكديس ثروة ليوم أسود يشبه فكرهم الأسود, رغم أن ثروته لن تنفعه في دولة تراه وأمثاله بأنهم أجانب, أما الفرنسيون فلديهم اعتقاد معاكس وعقلاني وليس لا مثالياً فقط , بعكس اعتقاد أصدقائنا أصحاب السرقات السوداء , فرغم أن دولتهم سقطت مرتين ودمرت مرتين من العدو الضخم الجار نفسه وهو “ألمانيا” فقدت عادت دولتهم , لا لأن الأمم الأخرى تؤمن بحقهم مهم فقط , بل لأنهم آمنوا بأن دولتهم باقية.
 
إضراب الجمارك كشف لنا حقيقة عظيمة قد تمر مرور الكرام عند البعض،  أما البعض الآخر فصدمتهم أكثر من صدمة الغزو الصدامي المحتمل آنذاك. 


 أمننا الغذائي ومنتجاتنا المحلية كانت مجرد فرقعات دعائية لدولة ذات إنتاج نفطي ضخم وكثافة سكانية ليست ضخمة , فأين الاحتياطيات لمواجهة أي أزمة غذائية قد تصيبنا ؟ وأين الاستراتجيات المستقبلية ؟. 


ما هكذا تدار الدول ولا هكذا الاتكال على كل شيء خارجي ومستورد.. وماذا سنقول لجبران خليل جبران وهو القائل: ويل لأمة تلبس مما لا تنسج ، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر؟!.
 
عاد اليهود للقدس وأقاموا دولة , بعد أكثر من 2000 سنة من سقوط دولتهم , وبقوا لـ70 سنة تحيطهم دول ضخمة ومجتمعات تكرههم دينيا , لا لأنهم على حق , بل لأنهم آمنوا أنه يجب أن تقام لهم دولهم تحميهم من بؤس الشتات ولعنة الآخرين ويجب أن تبقى ! , ونحن نعيش في أرض آمنا بأنها جزء من الجزيرة العربية ثم أسسنا  فيها دولة بعد أن كانت جزيرة العرب في طور اللادول والعالم بأكمله مؤمن معنا , ثم حررنا دولتنا هذه من الغزو, لكنّ هناك من يدمرها داخليا , فقط لأنها سقطت – من حساباته- منذ الغزو ولم تعد في قلبه ولا في عقله !.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.