– يجب وضع مدى زمني محدد للانتهاء من تجنيس “البدون” ومنحهم جميع الحقوق
– الاتحاد الخليجي هدف سامٍ لكن مطلوب دراسة الخطوة بدقة
– القضايا المطروحة في المجلس تتعلق بمواقف دينية متطرفة
– الحكومة مازالت اقل من المستوى ..تعالج الامور بسياسة رد الفعل
– تطوير القطاع الخاص يزهر الاقتصاد الكويتي في المستقبل
– قضية الإيداعات ” مبهمة” وينبغي أن يفصل فيها القضاء
– البيروقراطية المقيتة سبب في تعطيل التنمية
– الدائرة الواحدة ليست “عصا سحرية” للقضاء على مشاكل الانتخابات
وضع أمين سر جمعية حقوق الانسان الكويتية السابق عامر ذياب التميمي الجهاز المركزي لمعالجة اوضاع غير محددي الجنسية في مأزق التناقض ، موجها إليه تساؤلا :”اعلنتم ان لدينا من البدون ما يقارب 34 ألفا يستحقون الجنسية فمتى يأتي الزمن المناسب حتى نجنسهم بعد ذلك؟!”.
وطالب التميمي في حوار مع ((سبر)) بوضع مدى زمني محدد للانتهاء من تجنيس “البدون” ومنحهم جميع الحقوق الانسانية التي كفلها الدستور الكويتي دون وضع العراقيل لأسباب “وهمية” بعيدة عن الحقيقة. مشددا على ضرورة وضع خارطة طريق واضحة للانتهاء من هذه القضية ” التي اصبحت تؤرق الضمير الوطني الكويتي، وتعكس صورة مشوهة لوضع حقوق الانسان في الكويت امام المحافل الدولية”.
وانتقد التميمي اداء السلطتين “فالحكومة مازالت اقل من المستوى المنشود ،تعالج الامور من خلال سياسات ردود الفعل، فكلما هدد وزير بالاستجواب كان هناك تراجع من قبل الحكومة عن السياسات التي تتبناها ،وهذا لا يجوز” مشيرا الى ان القضايا المطروحة في المجلس “تتعلق بمواقف دينية متطرفة”، مطالبا النواب بطمأنة المواطنين على مستقبل ابنائهم ووضع البلاد الاقتصادي .
ورأى التميمي ان الاتحاد الخليجي في حد ذاته “هدف سام” لابد من تحقيقه في المستقبل ،لكنه اشترط الاستفادة من التجربة الاوروبية والمشاكل التي تواجه الوحدة النقدية في اليورو ، مشددا على التوافق على السياسات المالية والتعليمية والعمالية وتحديد اهداف مشتركة، والتأكيد على المشاركة الشعبية في مختلف دول الخليج حتى يحظى الاتحاد بالدعم الشعبي المناسب.
والمزيد في السطور التالية:
* ثمة قلق على المستقبل الاقتصادي للكويت.. هل لديك هذا الشعور؟ وما اسباب هذا القلق؟
عندما تنظر الى المعطيات الاساسية في الاقتصاد الكويتي فهو يعتمد على ايرادات النفط، وايرادات النفط لحسن الحظ الآن جيدة، والحكومة تحقق فائضا ماليا متميزا سنويا من ايرادات النفط، والايرادات تقدر بحدود 30 مليار دينار سنويا، والانفاق في العام الماضي بحدود 20 مليار دينار، فيبقى ما يقارب 10 مليارات دينار سنويا وهو فائض مهم يجب توظيفه في استثمارات مهمة قد تعضد في المستقبل الايرادات النفطية.
ومقابل ذلك القطاعات غير النفطية مازالت تعاني من مشاكل، نتيجة انخفاض قدرات السوق الشرائية، وهذا له انعكاسات سلبية على سوق الكويت الاوراق المالية، ولكن بصفة عامة الاقتصاد الكويتي يحتاج الى اعادة هيكلة وتطوير دور القطاع الخاص والعمالة الوطنية حتى يكون اقتصادا منتجا، لا يعتمد فقط على الايرادات النفطية والانفاق الحكومي، فهذا التحدي الاساسي الذي يواجه الاقتصاد الكويتي في المستقبل.
* هناك تحذيرات من نفاد الخزينة المالية للدولة بحلول عام 2017 بفعل سياسة الانفاق المتبعة.. كيف ترى التفاعل الحكومي مع هذه التحذيرات؟
اعتقد أن مسألة امكانيات حصول العجز خلال السنوات القادمة فيها مبالغات، ولكن لابد من الحذر وترشيد الانفاق وكذلك تحديد اولويات الانفاق، وفي نفس الوقت لابد ضبط وترشيد الانفاق الجاري الذي يتعلق بالرواتب والاجور والانفاق على المشتريات والاعمال الادارية، والتركيز على الانفاق الرأس مالي هو الانفاق الاستثماري الذي من الممكن يخلق بنى اساسية في الاقتصاد الوطني وتكون قادرة على ادرار العائد في المستقبل فهذا هو التحدي الاساسي.
ولاشك ان الانفاق الجاري فيه اسراف كبير يحتاج الى معالجات هيكلية ولكن هذه المعالجات قد تتطلب التخفيف من دور الدولة في الاقتصاد الوطني والاعتماد الأكثر على القطاع الخاص وهذا تحد مهم واشكالية لان الآن هناك معوقات سياسية تحول الاقتصاد، وهناك مقاومة لعمليات التخصيص التي من الممكن ان تؤدي في نهاية المطاف الى ترشيد الانفاق.
* هناك مجموعة تأسست حديثا سمت نفسها مجموعة الـ29 اخذت على عاتقها حماية ثروة البلاد من الهدر.. كيف تقيم عمل هذه المجموعة ؟
مجموعة الـ29 عمرها تقريبا سنتان ولاشك بان اطروحاتهم موضوعية وعقلانية وتتوافق مع ضرورة اعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وترشيد الانفاق العام، ولكن حتى الآن تأثيرهم المجتمعي والسياسي محدود، وليس لديهم التأثير الملموس الأساسي داخل مجلس الأمة، قد يكون لهم تأثير في الاوساط الحكومية وقطاعات الاعمال ولكن اعتقد حتى في اوساط المجتمع في القطاعات الشعبية بين الفئات التي تعتبر من الفئات ذات الدخول المتوسطة والمحدودة فمازالت تأثيراتهم غير محدودة، وحتى الآن استيعاب اطروحاتهم غير واضح للمجتمع الكويتي.
ولذلك أقول ان هذه المجموعة يجب ان تستمر وتستخدم جميع الوسائط الاعلامية لنشر رسالتها في المجتمع بشكل افضل ويجب عليها ايضا ان تتواصل مع القوى السياسية ومع اعضاء مجلس الامة حتى يكون لها تأثير حقيقي في المستقبل.
* ماذا تقصد بأن اطروحاتهم غير واضحة للمجتمع الكويتي؟
ان يكون هناك فهم بان هذه المجموعة تهدف الى المصلحة العامة وتحقق نموا اقتصاديا حقيقيا وترشد الانفاق ومعالجة الاختلالات في الاقتصاد الوطني، وحتى هناك من المواطنين يعتقدون ان هذه المجموعة تمثل مصالح معينة، فبالتالي عليهم توضيح الصورة بشكل افضل لانهم يهدفون الى المصلحة العامة.
* مازالت قضية الايداعات المليونية تلقي بظلالها على الشارع السياسي.. اين سينتهي بها الامر من وجهة نظرك؟
قضية الايداعات المليونية مازالت قضية مبهمة حتى الآن، ويجب ان يترك الأمر الى النيابة العامة والقضاء لحسم القضية، لان هناك الكثير من الاتهامات والتلميحات التي مازالت في اطارها السياسي وليس القانوني، حتى تأخذ مجالها الواضح والقانوني والسلطة القضائية هي التي تتولى عملية حسم هذا الموضوع، وفي نفس الوقت يجب ان يحسم هذا الملف باسرع وقت ممكن حتى لا يؤثر على الاداء السياسي في المستقبل.
* كيف تنظر الى تركيبة مجلس الامة؟
تركيبة مجلس الأمة لم تكن مواتية لعملية الاصلاح السياسي والاقتصادي، ومازالت اللغة الشعبوية هي السائدة في اوساط اعضاء مجلس الامة وهناك اغلبية مازالت تقاوم عملية الاصلاح الاقتصادي، وحصلت خلال الانتخابات استقطابات غير صحية، بمعنى استقطابات حضر وبدو وقبلية وطائفية وهذه ادت الى التأثير على التماسك المجتمعي والتأثير البنية الوطنية.
فعلى مجلس الامة حتى يتفادى مثل هذه المشاكل التأكيد على مسألة الهوية الوطنية حتى يمكن فهم اطروحات اعضاء مجلس الامة بشكل افضل، لان حتى الآن القضايا المطروحة مازالت قضايا غير اساسية تتعلق بمواقف دينية متطرفة واطروحات قد لا تكون متسقة مع السياق المجتمعي العام.
ولذلك المواطنون يحتاجون الى التعرف على مستقبلهم الاقتصادي والمعيشي، وعلى مستقبل أبنائهم كيف سيكون تعليمهم وتوظيفهم في المستقبل، وكذلك تطوير الخدمات الاساسية في الكويت، فنحن نعاني من خدمات التعليم والرعاية الصحية والاسكان وهناك تقصير من الجانب الحكومي، وهناك بيروقراطية مقيتة تعرقل عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل اساسي.
* من خلال نظرتك الى تركيبة السلطتين التنفيذية والتشريعية وما آلت اليه الأمور في الجلسات السابقة… فهل تعتقد ان مجلس الامة يكمل مدة الاربع سنوات ام سيحل؟
أنا اتمنى ان المجلس يكمل دورته، لكوننا عجزنا من كثرة حل مجلس الامة خلال فترات قصيرة وقريبة.
وعلى المواطنين ان يتعرفوا على أداء الأعضاء بشكل أفضل، عندما يحل مجلس الامة بعد سنة او سنتين فيكون النائب لم يبرز دوره في الاداء السياسي الحقيقي، فلابد ان يعطى فرصة.
وفي نفس الوقت اتمنى ان المجلس يعالج مشاكل الحياة السياسية، فيقر قانون للجمعيات السياسية والاحزاب السياسية ويعدل من النظام الانتخابي ويكون هناك نظام انتخابي على اساس القائمة النسبية وتكون هناك دائرة واحدة للكويت تؤكد على الهوية الوطنية حتى يعالج هذه الاستقطابات الضيقة سواء كانت طائفية او قبلية او مناطقية، فعندما يكمل المجلس دورته يكون له متسع من الوقت لمعالجة هذه القضايا المركزية.
* هل تعتقد ان النظام الانتخابي في الدائرة الواحدة يقضي على جميع سلبيات الانتخابات؟
بالطبع لا أعتقد ان تضع الدائرة الواحدة معالجات سحرية لمشاكل المواطنين ولكن من الممكن ان تؤدي الى التخفيف من هذه التناقضات.
* وكيف تنظر الى تركيبة الحكومة.. هل اختلف اداؤها عن الحكومات السابقة؟
الحكومة مازالت اقل من المستوى المنشود ولكن هناك عناصر لا بأس فيها، والمشكلة ان الحكومة مازالت تعالج الامور من خلال سياسات ردود الفعل، فكلما هدد وزير بالاستجواب كان هناك تراجع من قبل الحكومة عن السياسات التي تتبناها وهذا لا يجوز.
وعلى الحكومة ان تحدد مواقفها بوضوح وتكون قادرة على مواجهة كل التحديات السياسية واقناع الاعضاء بأدائها وببرامجها.
ونحن لا نستطيع ان نحكم على العديد من الوزراء لان اكثرهم وزراء جدد ومازالوا في اول الطريق من خلال ادائهم السياسي.
* هناك من صوب سهامه على الحكومة ووصفها بأنها حكومة مكشوفة الظهر.. ما تعليقك على ذلك؟
كل وزير يجب ان يكون مسنودا من قبل السلطة السياسية بشكل اساسي، خصوصا اذا كان هذا الوزير مقتنعا ببرنامجه واطروحاته بالنسبة لاصلاح العمل في وزارته وفي القطاع المشرف عليه فهذا مهم جدا.
* ما رأيك بفكرة الاتحاد الخليجي؟ وهل ترى ان قادة دول مجلس التعاون جادون في هذه المسألة؟
الاتحاد الخليجي يجب دراسته بشكل اعمق، ولابد من تطبيق الاتفاقيات التي عقدت من خلال مجلس التعاون سواء كانت اتفاقية السوق الخليجية المشتركة او اتفاقية وحدة النقدية او الاتفاقيات الأخرى، وايضا تسهيل التعامل بين المواطنين الخليجيين في مختلف دول الخليج، نظرا لانه مازالت هناك مشاكل، وكثير من المستثمرين لا يستطيعون ادارة الشركات التي يستثمرون فيها في بعض دول الخليج نتيجة للقوانين التي تفرض ان يكون المدير او رئيس مجلس الادارة هو من مواطني الدولة المستثمر فيها.
أما الاتحاد فلابد ان يكون هدفا ساميا وهذا الهدف لابد من تحقيقه في المستقبل ،وينبغي الاستفادة من التجارب الاوروبية والمعوقات التي واجهت الوحدة الاوروبية والمشاكل التي تواجه الوحدة النقدية في اليورو وايضا التوافق على السياسات المالية والتعليمية والعمالة وتحديد اهداف مشتركة، والتأكيد على المشاركة الشعبية في مختلف دول الخليج حتى يكون الاتحاد لديه الدعم الشعبي المناسب.
* ننتقل معك الى ملف “البدون” …هل تعتقد أن المساعي المبذولة لحل قضية البدون كافية؟
هناك خطوات الآن لا بأس بها تم اتخاذها من قبل الجهاز المركزي لمعالجة اوضاع غير محددي الجنسية ، وتحديد المستحقين للجنسية وهذه ايضا خطوة جيدة، ولابد من التوافق على آلية واضحة لتجنيس هؤلاء المستحقين، فغير المنطقي ان تقول ان لدي 34 ألف يستحقون الجنسية وبعدها تسكت، فكيف ومتى تجنسهم بعد ذلك؟!
فلابد ان يكون هناك مدى زمني محدد لتجنيسهم وفي نفس الوقت الآخرون لابد من منحهم جميع الحقوق الاساسية التي ضمنها الدستور الكويتي لكل مقيم على أرض الكويت من حقوق العمل وتعليم الأبناء والرعاية الصحية وهذه منحت من قبل الجهاز ولكن التأكيد عليها وعدم وضع عراقيل لسبب او آخر.
وكذلك أمر القيود الأمنية على بعض البدون فهؤلاء يجب ان يحسم أمرهم، فكثير من هذه القيود مبالغ فيها فلابد ان تحسم من قبل الاجهزة الامنية ويكون هناك توافق بين أجهزة الجيش والشرطة والتعرف على من تعاون مع الاحتلال العراقي ومن تم اتهامه بشكل غير دقيق.
فأقول لابد ان تكون هناك خريطة طريق واضحة للانتهاء من هذا الملف ونأمل ان يتم الانتهاء من هذه القضية قبل انقضاء الخمس سنوات المحددة للجهاز، وهي قضية اصبحت تؤرق الضمير الوطني الكويتي، وأيضا تمثل صورة مشوهة لوضع حقوق الانسان في الكويت امام المحافل الدولية.
* هل تلقي المسؤولية الكاملة في حل مشكلة البدون على عاتق الجهاز المركزي وحده، في تعطيل في انجاز المعاملات خصوصا في تجنيس المستحقين لحملة احصاء 65؟
اعتقد ان الجهاز المركزي لا يتحمل المسؤولية وحده لانه ورث هذه القضية وهو جهاز وضع لمعالجة القضية ولكن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة على مدى الخمسين سنة الماضية، وكذلك هناك تأخر في حسم القضية.
أما الآن فقد بدأت الملامح تتضح منذ تأسيس هذا الجهاز، ونأمل منه ان يكون لديه القدرة والكفاءة لمعالجة هذه القضية بأسرع وقت.
* انت قلت، بعد مرور خمسين عاما من التجربة الديموقراطية في الكويت لا يزال المجتمع الكويتي يفتقد الى ثقافة التسامح والثقافة الديموقراطية الحقيقية؟
هذا الأمر صحيح وقد كتبت في هذا الموضوع عدة مرات، وان المشكلة تتعلق بالنظام التعليمي والنظام الاعلامي وطبيعة المجتمع والاقتصاد الكويتي الذي لا يؤكد على روح الانتاجية وعلى التواصل، فهذه قضايا أدت الى عدم وصولنا الى مستويات الديموقراطية الحقيقية، وفي نفس الوقت غياب الأحزاب المشروعة المقننة وطبيعة النظام السياسي الذي يعتمد على انتخاب اعضاء يمثلون أشخاصهم وليس تياراتهم السياسية فهذا الأمر يؤكد على التعصب، مما ادى الى عدم تطور الحياة الديموقراطية.
أضف تعليق