(تحديث..1) تعليقًا على قصة (ظلم جاسم) التي تناقلها ناشطون في شبكة التواصل الاجتماعي، وغطتها وسائل إعلامية.. طالب د. “يوسف الصقر” رئيس جمعية مقومات حقوق الانسان وزير الشؤن الاجتماعية العمل ووزير الصحة، باستثناء “جاسم الغزي” الذي يسكن في عشّة في سكراب أمغرة، ويرقد بشكل مؤقت في الطب النفسي.. ليكون حالة خاصة تقوم قطاعات الشؤون بتقديم خدمات ماديّة ونوعيّة له، وتقوم وزارة الصحة بتقديم كافة الخدمات الصحية له، مؤكدًا انه من المعيب انسانيًا وشرعيًا ووطنيًا، أن يعيش في كويت الخير معاق ذهنيًا، ناهز الأربعين بهذه الظروف المزريّة.
حيث قال الدكتور: “أناشد بيت الزكاة واللجان الخيريّة والأمانة العامة للأوقاف بالمبادرة بتقديم كافة الخدمات لهذه الحالة الانسانية، فيما لو تأخرت الجهات الحكومية لأي أسباب“.
وتساءل “الصقر”.. قائلًا: “كم حالة كحالة جاسم الغزي من البدون، وكم أسرة بدونيّة لديها معاقين ولا خدمات انسانية تقدم لهم“.. مطالبًا بتسريع حل هذه المشكلة، وعدم التفنن في عرقلتها.. حيث قال: “فلا يجوز أبدًا أن نصمت أمام هذا البطئ في معالجة قضيّة، مضى عليها خمسين عامًا“.. مشددًا على أن “قضية البدون أمانه في أعناق النواب، وعليهم أن لا يفرطوا فيها، وعليهم أن لا يتركوها للأجهزة الحكومية التي تتعامل معها ببرود مستفز، وتراخي واضح تجاه مأساة أكثر من مئة ألف إنسان محرومين من أبسط حقوقهم الانسانية، في الوقت الذي يعيشون فيه ببلد وصل خيره لكافة بقاع الأرض ! فيالها من مفارقة مؤلمة ومحزنة تجرح الضمير الانساني“.
وشكر “الصقر” الناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي الذي ذكروا الرأي العام بهذا “المسكين الذي طرحت احدى الصحف مأساته من عام 2007، ولكن يبدو أنه لم يجد آذانًا صاغية، وقلوبًا حانيّة، حتى جاءت أحداث حريق الرحيّة، واعتقل المسكين كمشتبه به، ليساهم اعتقال هذا المعاق ذهنيًا بإحالته للطب النفسي، ومن ثم تسليط الضوء على مأساته مجددًا“.
…………………………………………………..
منذ ثماني سنوات والأربعيني البدون (جاسم) يعيش وحيداً مهملاً في الصحراء.. منزوياً إلى مكان ما في منطقة سكراب أمغرة وسط أكوام الحديد والأخشاب ومخلفات المصانع.. تمر عليه أشهر الصيف حارة لاهبة، وأيام الشتاء قارسة شديدة البرودة.. ولا خيار له سوى أن يتحمل عبء الانتظار الطويل لوحده ويدفع (لوحده أيضاً) ثمن كونه مريضاً عاجزاً.. وأن يظل حتى الآن بلا هوية رغم الاوراق الرسمية التي تؤكد وجوده وأسرته في الكويت منذ عقود خلت، أو منذ ما قبل العام 1965 .. العام الذي حدده (العم) صالح الفضالة ليكون معياراً لمنح الحقوق وتوزيع صكوك الانتماء والوطنية.
((سبر)) توجهت إليه في مسكنه منذ اللحظة التي أطلق فيها المغردون على “تويتر” حملة تحت عنوان (ظلم – جاسم) وأعدت عنه موضوعاً كان جاهزاً للنشر في اليوم نفسه، ولكن الأسباب التقنية التي ادت إلى توقف الموقع حالت دون ذلك.
هناك في “عشة” صغيرة جهزها بنفسه، يعيش جاسم مبتعداً عن الطبقة “الألمعية” التي أصبح عبئاً ثقيلاً عليها،
بعد أن رفضه أقرب الناس إليه وتركوه دون سؤال بدعوى أنه ” مجنون ” و ” ما فيه طب “.. فهو يعاني من إعاقة ذهنية منذ العام 1997 ولديه شهادة من الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة بذلك.
زارته ((سبر)) حيث يسكن في تلك “العشة البائسة” ورأت ما يعجز اللسان عن وصفه، فالقاذورات والحشرات تملأ المكان ، ومع ذلك فإن جاسم متمسك بالحياة رغم قسوتها عليه، ورغم مرضه، وحتى لايشعر بالوحدة عمد إلى تربية دجاجتين تؤنسانه، وأبقى على أربعة كلاب قريباً من”عشته”.. لأنه يثق بوفائها ويدرك أنها لا تتخلى عن هذه الصفة كما يفعل الآخرون.
قام جاسم بعمل اختراع مذهل كي يحصل على مياه نظيفة خالية من الأوساخ والأوبئة باستعانته بفلتر مياه وتوصيله بطريقة عجيبة بقارورة اكي يرتوي من حرارة فصل الصيف الحارقة . ويقوم أيضاً بتسجيل التواريخ على بيض الدجاج حتى يعرف موعد فقسه .
ويسجل أيضاً على صندوقه الكبير الذي يزرع به بعض النباتات تواريخ البذرات ، ويحتفظ جاسم بكافة أوراقه وإثباتاته الرسمية مثل إحصاء 65 وشهادة ميلاده المستخرجة من السجل المركز ” القبلة ” وشهاداته المدرسية وتعويضات الولايات المتحدة الأمريكية بعد الغزو العراقي على دولة الكويت والتي نشرتها إحدى الصحف وبها اسمه الكامل واستحقاقه لها .
بحثت ((سبر)) عن جاسم ولم تجده وسط ركام الأدوية والأوساخ وسألت عنه – جيرانه – الذين يبعدون عنه مسافة اأمتار فوجدت شخصاً يدعى أحمد سوري الجنسية الذي قال: أنا أعمل هنا بشراء وبيع الشاليهات وأعرف جاسم عن قرب .. هو شخص رائع جداً ، ومنظم بشكل غريب للغاية ، فهو يستيقظ فجراً ويذهب إلى سكراب أمغرة كي ينظف للمحلات هناك ويحصل على بعض المال والأكل ثم يعود ويجلس في عشته مرة أخرى وهكذا على مدار بقية الأيام . وسألنا عمن يعتني بجاسم وهل لديه مشاكل مع أحد وأين ذهب الآن ؟ أجاب أحمد : والدي أحياناً يعطي جاسم بعض الأكل والملابس ولا يوجد أحد يسأل ويعتني به ، وهو شخصية مسالمة لا تفتعل المشاكل أبداً ، أما أين ذهب فهو الآن يرقد في مستشفى الطب النفسي منذ أسبوعين لاشتباه رجال وزارة الداخلية به بعد حريق ” رحيّه ” وحينما تبين لهم براءته وأنه مريض قاموا بتسليمه للمستشفى .
وفي رحلة البحث عن جاسم ذهبت ((سبر)) إلى مستشفى الأمراض العقلية والتقت به هناك واطمأنت عليه وقال حرفياً : أنا أعيش في عشتي بمنطقة امغرة تقريباً منذ سنة 2003 بعد أن اختلفت مع أخي ووالدتي لأسباب خاصة ، وأنا أقوم بممارسة هوايتي التي أعشقها بأن أربي الدجاج وأطمح أن يكون لدي حمام أيضاً ! ويسكن معي بعض الكلاب التي تؤنسني حينما أكون وحيداً ، وأحب زراعة المحاصيل من الطماطم والبطاطس ، لكني أطمح أن أعيش في غرفة بإحدى البنايات يتبرع بها لي أحد الناس وسأكون شاكراً له . وأريد أن أتزوج بغرفتي هذه وأعيش مثل الناس الباقية !!
وفي سؤاله لجاسم عن وزارة الداخلية ووزارة الصحة قال : رجال الأمن اعتقدوا أنني أنا من قام بإشعال حريق الإطارات بمنطقة الرحّية وحاوطوني بسياراتهم واقتادوني إلى المخفر حتى تبينت لهم براءتي ثم جاءوا بي إلى المستشفى هذا .
اتجهت ((سبر)) بعد ذلك إلى أحد الأطباء الذي رفض التصريح عن اسمه وقال عن جاسم إنه هو يعاني مرض يسمى ” Schizophrenia ” أي انفصام بالشخصية ونقص حاد في العطف والحنان ، حتى أنه طلب منا أن نجلب له ألعاب أطفال !! ولديه أيضاً إعاقة ذهنية شديدة دائمة ، لكن قانون وزارة الصحة 8/2010 يرفض معالجته لأنه غير محددي الجنسية لذلك سيمكث جاسم لدينا بضعة أيام أخرى ثم يعود من حيث أتى !!!
كان برفقتنا المحامي الأستاذ محمد الفضلي وقال عن جاسم : لا يحق له السكن في أملاك الدولة (الصحراء) ومن المفترض على وزارة الداخلية أن تسلمه إلى لجان خيرية كي يوفروا له سكناً خاصاً به ، ووزارة الداخلية تعرف ما يعاني منه جاسم لأنها أحالته إلى مستشفى الطب النفسي ، وربما جاسم يسجل خطراً على الناس في منطقة السكراب لأنه كما تبين لنا مصاب بإعاقة ذهنية شديدة ودائمة.
لوتكلمو رئيس حقوق الإنسان اوبيت الزكاه وشكرا
لوتكلمو رئيس حقوق الإنسان اوبيت الزكاه وشكرا او تكلمو رئيس مقومات حقوق الإنسان وشكرا