كتاب سبر

أنوار .. فتاه بدون أُعدمت

تتوه الكلمات دائماً باحثه عن بداية وعندما أفكر تأخذني الذاكرة إلى سنوات مراهقتي ودراستي فأدخل في نوبه من الضحك على سذاجتي عندما كنت اعتقد إني بتفوقي الدراسي سأحقق أحلامي التي اصطدمت بواقع الحياة الفئوية لذوي القرار والذين يستكثرون عليك فتات الخبز الذي تلهث من اجل أن تجمعه قبل أن تبعثرك السنين وترهقك الأيام
 .
واليوم يتكرر المشهد أمامي وارى فتاه بريئه اسمها أنوار أخلصت لعقلها فأثمر بتفوقها وحصدها لأعلى نسبه لترى أنها اقتربت من فتح باب أحلامها والدخول منه لواقعها وهي التي تحلم بدراسة الطب لتخفف آلام المرضى وتسعى جاهده أن تكتب أجمل حروف الإنسانية في سماء وطنها …عذراً … هل قلت وطنها ؟؟


اعذروني لم اقصد .. وليعذرني صاحب البشت الطويل فهي “بدون” ومهما كانت كرامتها وإنسانيتها فهي في نظرهم عدم ولا تستحق أن ينظروا لعقلها ويستمعوا لصوتها الحزين الذي يصرخ من ظيم الدهر وألم الجحود … ولكن يا سيدي قبل ان تعدمها كما أعدمتني قبلها أتسمح لي بكلمه .. وان لم ترق لك اعتبرها نكته قديمه او لغزاً ليس له حل .
هذه الفتاه توفى والدها قبل الامتحانات بفترة وهو المعيل الذي بكى جحودك ونكرانك وسقيته من تلك الوعود المخدرة التي قتلت شعوره بأنه بشرٌ مثلنا.
نعم .. هو استسلم لواقعه ورحل تاركاً أنوار في رقابنا تصرخ بحب راجيه عطفك ومهما ظلمتها فهي لا تملك إلا أن تحبك، رحل والدها ورغم الحزن والدموع تفوقت لتكون من الأوائل وتهدي نجاحها لوطنها ولك حتى وان شملتها قائمة المعدومين من الحياة.
والمحزن أكثر يا سيدي أنهم عندما أعلنوا عن اسمها كتبوا أمام الجموع الغفيرة أنها “بدون” وهكذا كافئوها وقتلوا فرحتها وغرسوا خنجر الدونية في خاصرتها لتأخذ شهادتها وهي تذرف الدموع ..
وما أن مسحت بمناديل الصبر دموع الحزن حتى علمت أنها لن تكون مع المكرمين المتفوقين
 فقط لأنها “بدون” .. لتسقط أنوار كما تسقط أوراق الخريف ولا تعلم أي شتاءٍ سيأتيها لتتجمد قلوبهم غير آبهين بدموعها ..
لا .. لم تعدلوا معها ولم تكرموا وجودها ولم تحترموا عقلها وهي التي لم تعرف أرضاً غير هذه الأرض ولم تعانق عيناها سماءًا غير سماءها ..
واليوم أنوار في الرمق الأخير تناجيك باكيه أن تكرمها فقط بقبولها بالجامعة لتحقق حلمها في دراسة الطب فليس ذنبها أنها ولدت من غير ذاك الدفتر الأسود الذي على أساسه يُكرم المرء او يهان وعلى صفحاته تثقل مكانته بالميزان ..
نعم هي “بدون” جنسية .. ولكنها ليست بدون إنسانيه
نعم هي “بدون” بطاقة .. ولكنها ليست بدون كرامه
نعم هي “بدون” شهادة ميلاد .. ولكنها لم تضرب مع “القبيضة” ميعاد
هي الشرف والعفّه .. هي البراءة والصدق .. هي الإخلاص والأمانة فلا تنكرها ولا تستكثر عليها حلمها الصغير


إلى أنوار
أن كلٌ منا يُخلق وله قضيته ويختار رسالته التي يريد ان يتركها قبل ان يرحل من هذه الدنيا الفانية
صدقيني .. أنتي ابنة هذا الوطن مهما تعالت حناجرهم صارخين بالجحود والنكران
وبيتك الصغير المتهالك اشرف من قصورهم التي انزلق مع نعومة رخامها الصدق والعدل والأمانة .. فعلى الأقل أنتي لم تنجرفي خلف المناقصات الكاذبة ونهب الأموال الطائله ، فأنتي اكتفيتي بذاك الرغيف بالمساء لتعانقي وسادتك راضيةً مرضيه .. أما هم فسامروا كؤوسهم لتهذي عقولهم بكل خبثٍ وخبيث


كم نحن نتشابه يا أنوار .. فأنا رغم تفوقي أنكروني لأصبح بعينهم “جراده”
وعندما تحطمت أحلامي واعدموا طموحي بعنصريتهم .. رحلت لأختار أن أعيش صعلوكاً يعتنق كتبه وضاعت مراهقته بين صفحات دفاتره لتمر حياتي دون أحداث صبيانية تعبر عن طيش تلك المرحلة
نعم يا أنوار .. أنا رحلت لألملم شتاتي وأعود أقوى متسلحاً بشهادةٍ اكبر لعلي افرض نفسي عليهم رغم أننا في عيونهم “طراثيث” ويكفي علينا الأكسجين الذي نستنشقه
واعلمي أن حل مشكلتنا ممكن .. فقط بأوامر شفهية .. أما رأيتي كيف فُتحت تلك المغارة !!
فتحت بكلمتين من فاه .. “افتح يا سمسم” لتأتي الضباع وتحفظها وتنهب ما أرادت من مغارة الأساطير .. فسادت وتضخمت واعتقدت أننا نراها أسوداً .. وإنا لعلى واقعنا لمحزونون


لا تعجبي يا أنوار فكل شيءٍ حولنا يتم وفق أوامرهم .. ومازلت أتساءل :
أما آن لتلك الشفاه أن تنطق بأوامر شفهية إصلاحية .. لتُكّفر عن أوامرها الشفهية الفاسدة!!
فماذا تبقى من عمر سنواتك .. أما حان موعد التوبة


صعلكه :
خلف كل فساد علني
كتلة “الدجاج” الوطني


إضاءة :
اللاعب فهد العنزي .. وضعت له جريدة الرأي رسماً مهيناً وهو يزحف نحو إستاد الملك فهد يلهث خلف الجنسية ..
يا ترى لماذا لم يضعوا رسماً لأحمد ايراج يلهث عند مسرح الطفل خلف الجنسية وهو يصرخ طاطا مطاطا !!


آخر السطر :
مالي إلا أتحملك يا فهيد .. وبشوف وش أخرتها معك


@Lawyeralajmi


 

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.