على غير العادة ، أفيق صباحاً واحتضن قلمي لأبحر في محيط الكتابة وأنا الذي عشق الليل وسكونه وذاك الصمت الذي يشابه صمت أفواهنا حيال من ظلمنا فلا حرف نستطيع نطقه ولا دمع نذرفه فالأولى تودعنا السجن والثانية تجعله يسخط علينا .. ولذلك فوضنا أمرنا لله سبحانه.
أتساءل بعد أن أتأمل حالنا .. ونحن الدول الغنية التي تسبح على محيط البترول لماذا نعاني قسوة الحياة وضيق ذات اليد بينما هم فينا لا يشعرون؟
وكيف يشعرون وهم يسكنون القصور الفاخرة وعلى موائدهم أصناف الطعام المنوعة ولم يجرب احدهم أن يسكن منازلنا المؤجرة التي استنزفت رواتبنا ولم تجرب بطونهم اللحم الفاسد الذي قتلونا به حتى وصل بنا الأمر أن نأكل لحم الخنزير وهم يتفرجون !
هل نحن بحاجه لربيع عربي ليهز عروشهم ويشعروا بنا !!
هل لهذه الدرجة أموال الشعب ملك خاص لهم ونحن مثل التركة والورث ورثوه مع ذاك العرش الذي جثم على صدرونا فخنقنا ولم نعد نقوى التنفس ولا الحديث !!
شاخت ملامحنا ونحن في عز الشباب وشابت لحانا من إحباط الوظائف وعبث ذريتهم بمؤسسات الدولة التي تضحكون بها علينا.
أما البترول فهو بحيرة الأمنيات لكم ولأعوانكم ومن يتراقص على بلاطكم أما بقية الشعب فلله ما أعطى ولله ما اخذ، نركض لاهثين في لواهيب الحياة علنا نجمع فتات خبزٍ يسد جوعنا بينما انتم تنعمون بمنحة الصيف وكسوة الشتاء
وبدل صرف الأموال على تنمية الإنسان والتطاول بالعمران نجدها تذهب هبات للجوار الذي يتفنن بشتمنا ويكن لنا الحقد والضغينة.
وبدل صرف الأموال على تنمية الإنسان والتطاول بالعمران نجدها تذهب هبات للجوار الذي يتفنن بشتمنا ويكن لنا الحقد والضغينة.
أما الإنسان فقضية البدون عارٌ على البشرية وبها تحطمت معاني الإنسانية فليتهم يشعرون بمعنى أن تعيش مجهول الجذور محروم الحياة ذليل المقام جائع النهار باكي المساء.
وأما العمران فمنهم من شيّد تلك السراديب المظلمة ليلقى بها الإنسان دون محاكمة ويعيش ميتاً حتى تحين ساعته وقضاء ربه .. فويلٌ للظالمين، الرأي معدوم والانتقاد ممنوع والخضوع مقبول والذل عليك أن ترضاه قانعاً وهم يضحكون.
فما بال أولئك القوم لا يشعرون .. أم تراهم لا ينظرون .. فمن كانت بلاده تفيض بالمليارات لا يفترض أن نجد بها من يسكن الإسطبلات ويأكل من سلة النفايات ويعتاش على فيض القمامة !!
حزني على أمي التي مازالت تحلم ببيت العمر وهاهي تقف على مشارف الستين وقد وسّمت السنين الحزن بصوتها المبحوح الذي يفيض حناناً كلما بكينا وأحبطتنا قراراتهم وسوء إدارتهم واليوم نقولها بالخط العريض:
يا أمتي أما آن الأوان للعدل أن يعم وينتشي !
الأمة التي تقول انها تطبق الشريعة وينتشر في دهاليز مؤسساتها الرشاوى ويفترش أبوابها الفقراء فاعلم أنها تطبق شيئا آخر غير الشريعة او أنهم أخضعوها لمزاجيتهم ولنا من التاريخ شواهدٌ ودروسٌ وعبر وليت عصر عمر بن عبدالعزيز يعود وهو الذي في سنتين فقط طاف بالزكاة فلم يجد من يأخذها وعندما كثر السخط على والي مصر بعث له محاسباً محذراً ( من عمر بن عبدالعزيز الى والي مصر لقد كثر شاكوك وقل شاكروك فإما عدلت وإلا عزلت )
فهل يجرؤ احدٌ من ذوي البشوت على محاسبة وزرائهم ومخاطبتهم بذات الأسلوب وعجبي لأمرهم .. دخلوها بثيابٍ رثه ومنزلٍ متواضع ليخرجوا منها ببشوت الذهب وقصورٍ الرخام ليكتبوا فوق ابوابها “هذا من فضل ربي”.
فهل يجرؤ احدٌ من ذوي البشوت على محاسبة وزرائهم ومخاطبتهم بذات الأسلوب وعجبي لأمرهم .. دخلوها بثيابٍ رثه ومنزلٍ متواضع ليخرجوا منها ببشوت الذهب وقصورٍ الرخام ليكتبوا فوق ابوابها “هذا من فضل ربي”.
كلا ستعلمون .. ثم كلا ستعلمون .. ان أغرتكم الدنيا فموعدكم تلك الحفرة التي لا ينفع معها مالٌ ولا بنون وحينها ستسألون .. عن ظلمكم ونهبكم وعلى هكذا تحاكمون .. ان كان “فضاؤنا” غير نزيه وبسببه تتنفسون وتضحكون .. ففي عالم البرزخ حكمٌ عادلٌ وحسابٌ شديد .. فماذا انتم فاعلون، فعودوا واعدلوا وتراحموا وارحموا فما عادت أجسادنا تتحمل صنيعكم وأصواتنا أعياها النحيب وفوق كل هذا .. فنحن مازلنا لكم محبين .
إضاءة:
من سبر انطلقت وحينما أتت العروض من صحفٍ أخرى امتنعت من نشر ما اكتب علمت حينها اني سبراوي الهوى وبها أبوح بأنين قلمٍ كتب عليه ان يتمرد ليعيش.
آخر السطر:
ما عليه يا فهيد .. تسوي نفسك ما تشوفنا ولا تسمعنا .. ليمتى !؟
@lawyeralajmi
أضف تعليق