حوادث التاريخ العظام، تبدأ بحوادث لا يمكن لمن يقرأ التاريخ بعدها أن يتصور أنها بدأت منها، أو كانت سببا لحدوثها.. فتدمير سمرقند وبخارى على يد جنكيزخان ، ثم من بعدهما بغداد على يد هولاكو وقتل مئات الألوف من البشر والمواجع، كل ذلك قد بدأ بطمع ابن أخت شاه خوارزم بقافلة تجارية لجنكيزخان واستيلاءه عليها.. وكذلك هلاك أكثر من ثمانية ملايين نفس، وتدمير بلدان ومدن في الحرب العامة الأولى، كان بسبب رصاصة من جافريلو برنسيب الصربي في صدر وريث عرش النمسا الأرشيدوق فرانز فرديناند.. وسيقرأ ِمن بعدنا مَن سنكون له تاريخاً، إن أنظمة عربيةً مستبدةً، استعبدت شعوباطيلة عشرات السنين، بنظام قمعي، واعلام كاذب، ومشايخ سلطةٍ، ودعاة سوء، ما كان لهذه الحكومات أن تسقط، قد سقطت دفعة واحدة بسبب صفعة لأحد عوام الشعب،من شرطية لأحد هذه الأنظمة العفنة،فكان أن أشعل النار بنفسه أنفةً وقهراً ليمتد لهيب أنفته لبقية هذه الشعوب، لتقول كلمة واحدة، دفعت في سبيلها كل ما تملك، وأغلى ما تملك،كلمة ستقال لكل من يظن أنه باق على رأس شعب، لايريد هذا الشعب بقاءه..إنها “إرحل”.. إرحل أيها الذي استخف بشعبه.. ارحل أيها الذي سرق مقدرات شعبه.. أرحل أيها الذي يلعب بشعبه.. أرحل أيها الذي يكذب على شعبه..إرحل، ارحل، ارحل بكل مفردة من مفردات” ارحل”.
سيأتي من بعدنا من سيقرأ في تاريخنامن لايتصور أن صفعة أخرجت كلمة، أسقطت أنظمة.مثلما لم نستطع أن نتصور أن سرقة قافلة، أو رصاصة غادرة تستطيع أن تحصد الملايين من الأنفس.. لقد أختزلت كلمة “ارحل” بأحرفها الأربعة سنوات طوال من الاذلال والقهر والاستخفاف بالعقول والاستهتار بالنفوس، لتتفجر، فتسقط عروشا.. وتهز عروشا آيلة للسقوط.
أي صفعة مباركة هذه التي ساقت هذا الربيع العربي الى هذه القلوب التي تتابعت عليها سنوات الجدب حتى صوّح كل معنى فيها للحياة على هذه الحياة !!
أي شرطية مباركة هذه التي حركت بصفعتها ما ظل ساكنا طيلة هذه السنين!
وبوركت..بوركت أيها البوعزيزي العزيز.. لو علمت أي لهيب استعر لأنفتك!!
لا شك اننا لا نجيز لك ما فعلت بنفسك.. وأنه خطأ نسأل الله لك أن يتجاوز عنه بما صح من وراء خطئك.
أتعلم ما صح به من وراء خطئك؟!
لقد عاد الحجاب الى تونس، ورجع كل تونسي يصلي في أي المساجد يشاء، بعد أن كان محظوراًعليه أن يصلي في المسجد الذي لم يحدد له من قبل السلطة.
وأعلم كذلك أن الرئيس المسلم حافظ القرآن رئيس مصر قد ترضى على أبي بكر وعمر وعثمان في عقر عاصمة مبغضيهم، وكأنه يقول لهم:سأقولها وإن نخرتم،كما قالها النجاشي لبطارقته فيما رآه حقاً.
وها نحن أيها العزيز ننتظر سقوط النصيري المخذول،والصفوية المخذولة، ولن يطول بإذن الله انتظارنا لترجع إلينا شامنا بتقدير الله وكرمه بما أخطأت.
أي خطأ مبارك هذا الذي جعل من الرئيس سجيناً،ومن السجين رئيساً!!
أي خطأ مبارك هذا الذي جعل من ملك ملوك افريقيا جرذا قتيلاً بيد من كان يسميهم بالجرذان.. وأي خطآ مبارك هذا الذي أحل حكومات إسلامية مكان حكومات قومية بعثية شيطانية!!
فبوركتِ أيتها الشرطية،وبوركتِ من صفعة
وبوركت أيها البوعزيزي،وبوركت من خطأ.
حمد السنان
أضف تعليق