بعد عاصفة شديدة في البلاد من الحملات الكبيرة للمشاركة او المقاطعة لانتخابات مجلس الامة التي كانت في يوم الاول من ديسمبر نستطيع ان نقوم بتقييم هذه الانتخابات من حيث نجاحها في المشاركة والمخرجات ام انها فشلت في كل النواحي .
هذه الانتخابات جاءت في اجواء نزاع بين فريقين الاول ينظر انها كانت بمرسوم ضرورة غير صحيح فيه تفرد في تغيير النظام الانتخابي دون الرجوع للامة والشعب وان هذا التغيير سيفرز نتائج من صالح السلطة بسبب طريقة الانتخابات وهناك فريق اخر ينظر الى ان مراسيم الضرورة حق للامير متى ما احس بالضرورة لامر ما .
وفي رأيي ان المقاطعة نجحت من كل الجوانب كما سأبين في هذا المقال البسيط وقسمت اسباب الفشل بالمشاركة الى مرحلتين وتندرج في كل واحدة منهما مجموعة نقاط.
اولا: ماقبل الانتخابات:
– راهنت السلطة على اهتزاز كتلة الاغلبية او ال35 ومحاولة تفكيكها بنزول بعضهم او نصفهم ولكنها فشلت وتماسكت الكتلة وكانت المحاولات الى اخر يوم من التسجيل وراهن الكثير من شخصيات حكومية اعلامية او سياسية باختراق الكتلة ووعدوا مراجع عليا بالسلطة بذلك ولكن بالنهاية تهاوت هذه المحاولات وهذا يسجل ايجابياً للكتلة مع ان نصفهم تقريباً نسبة نجاحهم 100% في حالة خوضهم الانتخابات بنظام الصوت الواحد.
– مقاطعة اغلب التجمعات والحركات السياسية المعروفة في الكويت ولم يشارك الا جزء من التجمع السلفي والتحالف الاسلامي الوطني (حزب الله) وتجمع العدالة والسلام (عاشور) وأوصلت هذه الرسالة رفضاً قوياً من التيارات البارزة في الدولة مع اختلافها لمرسوم الصوت الواحد وتغييب ارادة الامة في نظامها الانتخابي وهذه التيارات تحمل العديد من الرموز التاريخية والاجتماعية المعروفة محلياً وعربياً واسلامياً وفيها تنوع من كل شرائح والمكونات الاجتماعية للدولة.
– اعلان اغلب القبائل خاصة الكبيرة بالعدد منها الى المقاطعة ووصل الأمر عند بعضهم الى الشدة مع المشارك واللوم الشديد.
-مقاطعة الشريحة الكبرى من الشخصيات التجارية المحسوبة على غرفة التجارة وهذه الشخصيات والعوائل لها ثقلها التاريخي والاجتماعي .
– عدم خوض د.حسن جوهر من الطائفة الشيعية اعطى بعداً وطنياً متكاملاً عن تمثيل كل شرائح المجتمع في المقاطعة وكذلك د.علي النقي وكذلك السيد فاخر القلاف شقيق النائب حسين القلاف مع انهم الاقل ولكن وجودهم في ذلك كان مهماً جداً.
– نزول مرشحين لايفقهون ابجديات العمل السياسي والبرلماني وتصريحاتهم وحجم الاستهزاء بها والتهكم اعطى صورة في المجتمع ان المجلس القادم فيه انحدار بالعمل السياسي عن الصورة التي كانت موجودة من الرموز التي كان يعرفها الشعب.
– اختفاء اجواء الاستطلاعات في اسماء الفائزين والتوقعات ورصدها واهتمام الناس فيها والحديث الذي كان لا يخلو من تجمع او ديوان منه وصاحب ذلك امتناع صاحب اشهر استطلاع في دولة الكويت وهو الاستاذ صلاح الجاسم عن اجراء استطلاعاته في انظمته لجانب فني وليس لاي قناعة سياسية معينة بسبب صعوبة استقراء ورصد الاراء لكثرة من سيقاطع الانتخابات.
– نزول اعضاء سابقين وشخصيات اصحاب سمعة سيئة بقضايا رأي عام وامور اخلاقية وأكد ذلك قرار لجنة الانتخابات بشطبهم حتى وان قام القضاء بإعادتهم .
– الضعف الشديد في مشاهدة برامج التليفزيون في مناظرات ولقاءات المرشحين كما كانت في كل انتخابات تتميز بالاهتمام من الناس
– ضعف زيارة المرشحين للدواويين والمنتديات الاجتماعية بسبب الحرج خاصة في الرابعة والخامسة.
– افتتاح المقرات الانتخابية في الاسبوع الاخير او حتى الايام الاخيرة قبل الانتخابات وهذا لم يحصل ابداً في السابق فكان كل مرشح يقيم افتتاح وندوة في اقل تقدير ، ايضاً التواجد بالمقرات الانتخابية التي كان لها طعم خاص .
– كان الحديث العام في الشارع الكويتي ليس في الاقناع بمرشح دون اخر بل بالاقناع في المشاركة او المقاطعة .
ثانياً : بعد الانتخابات:
– شهدت اكبر دائرتين انتخابيتين عدداً بالناخبين الرابعة والخامسة اكبر نسبة انخفاض بالتصويت وصل الى لم يتعدى 25? مع وجود عدد كبير من القبائل التي قاطعت بشكل كبير وبالذات قبائل العوازم والمطران والعجمان بشكل ساحق.
– الدائرة الاولى التي شهدت حراكاً طائفياً قوياً ومن المضحك ان من كان يحارب القوائم في الانتخابات الماضية من اطراف حكومية بسبب الطائفية قام يدعو لها بحرص حتى يزيد نسبة التصويت ومع ذلك انخفض التصويت من اهل السنة من 67? الى 31? وهذا انخفاض اكثر من النصف مع ارتفاع نسبة الشيعة الى 85? بطفره تصويتية عالية من 24000 الى 29300 فالمشاركة نجحت شيعياً بالاولى وفشلت سنياً .
– عدم نجاح اي مرشح من القبائل الكبيره عدداً مثل العوازم بالاولى والخامسة والثانية والعجمان الرابعة والخامسة الا مرشح واحد بالخامسة بأصوات كثيرة ليست من العجمان وايضاً المطران بالرابعة والخامسة والعتبان الخامسة والهواجر بالخامسة وشمر بالرابعة وكل هذه القبائل لديها ارقام كبيره ممكن ان توصل مرشحيها.
– عدم نجاح اي مرشح كندري بالاولى مع ان عددهم يمكنهم ايصال نائب.
– كانت ارقام النجاح لكثير من المرشحين اقل من نتائج الفوز بجمعياتهم التعاونية.
– عدم نجاح حضر الجهراء مع وجود قاعدة انتخابية كبيره في الجهراء القديمة .
– التأخير في اعلان نتائج الانتخابات اكثر من 72 ساعة وهذه مخالفة وايضاً التخبط من وسائل الاعلام في النسبة الصحيحة ومع هذا لدى كثير من اللجان والحركات ارقام مختلفة وتشير الى انها النسبة اقل ولكني اعتمدت الارقام الرسمية بالتحليل في النقاط السابقة.
– ارتباك التليفزيون الرسمي يوم الانتخابات بسبب فشل الحضور وذلك عن طريق نقل لصور قديمة بمقرات التصويت يظهر بها مرشحين وانصارهم لم يخوضوا الانتخابات الاخيرة مما اظهر حجم الارتباك في التغطية والتركيز بالتغطية على المقرات التي تشهد كثافة تصويتية مثل الرميثية وكذلك عدم نقل الفرز كالعادة ورفض التغطية من القنوات الخاصة !!
ملاحظات:
+ ينشر كثير من الذين ازعجهم مقدار المشاركة وفشلها الكبير فقاموا بتدليس الحقائق وكذلك قال وزير الاعلام للاسف فقالوا ان نسبة المشاركة 39? تعبر عن اغلب الذين شاركوا بالانتخابات الماضية وهي 59? فتكون نسب المقاطعة 19? تقريباً !!! بإعتبار ان هناك نسبة 40? دائماً لا تشارك وهذا تلبيس عظيم وكذب يدل على ألم عظيم بالفشل بمحاربة المقاطعة وسأجيب عن هذا الامر بنقاط منها:
– كان حضور الطائفة الشيعية كبير جداً في كل الدوائر الخمس فبحسب تقدير الاستاذ صلاح الجاسم ان في انتخابات فبراير كان 60% وفي انتخابات ديسمبر 86% في قفزة كبيرة 16% وهذه من ضمن الاصوات الشيعية التي كانت لا تحضر او تهتم خاصة في الدوائر الرابعة والخامسة ولا شك ان 16% اصوات جديدة تكون احد محركات 40% التي لم تشارك في فبراير.
– نزول مرشحين لديهم فرصة نجاح من قبائل وعوائل قليلة العدد في الثانية والرابعة والخامسة ايضاً ادخل شرائح لم يكن لها اهتمام كبير بالتصويت .
– شراء الاصوات كان كبير وسهل بسبب الصوت الواحد فرقم النجاح البسيط يشجع على شراء الاصوات.
– كان ملفتاً للنظر حجم تصويت الاسرة الحاكمة واقربائهم بعكس السابق فلم يكن لهم اهتمام كبير وحرص.
– لأول مرة يتم تسخير اجهزة الدولة ومؤسساتها للحث على المشاركة بالانتخابات بصورة ضخمة ومبالغ كبيرة من خلال تليفزيون الدولة الرسمي الذي تحول بشكل قوي الى التركيز على المشاركة من خلال استعمال الخطاب الديني وبعض رموزه واستضافة بعض الشخصيات المحبوبة في كل المجالات وبث الاغاني الوطنية والاعلانات وايضاً اعلانات كثيرة في كل القنوات وعلى المرافق الحيوية بالدولة والباصات ولوحات الاعلانات تحث على المشاركة وايضاً ارسال الرسائل النصية بالهاتف بشكل غير طبيعي يحث على التصويت ولا شك ان هذا الامر لم يحدث 5%منه في اي انتخابات سابقة .
– دخول وزارة الاوقاف بالحملة بإستعمال منابر الجمعة وعمل انتاجات كثيرة تحث على المشاركة وتضرب المعارضة وتشوه صورتهم .
– ابراز توجه ان من سيشارك فهو مع الوطن والامير ومن سيقاطع فهو ضد الوطن والامير وضخ هذا المفهوم اعلامياً واجتماعياً مما حرك كثير من الناس حتى الذين لا يشاركون سابقاً بسبب تصوير الامر انه نصرة للوطن والامير .
– انتخابات فبراير كانت بعطلة الربيع في وقت سفر كثير من الناس اما انتخابات ديسمبر في وقت اختبارات المدارس والجامعات مما يصعب السفر او يقل في هذا الوقت .
– حث كثير من المسؤولين بالدولة موظفيهم والزامهم بالتصويت كما نقلت كثير من المصادر.
– حصلت انتخابات كثيرة في الكويت بأعوام مختلفة تجاوزت النسبة 80% و90%واقل من ذلك فلا قياس على انتخابات فبراير فقط
وبعد هذه الامور يسقط الوهم الذي يبينه الذين فشلوا في انجاح الانتخابات بعد كل هذه الامور في تصوير ان هناك فئة تقدر ب40% لا تشارك دائماً!! وقد ذكرنا الشرائح والفئات والضروف التي ساهمت في مشاركة كثير من ال 40% التي لم تشارك الانتخابات الماضية
-سقطت بشكل كبير احد اهم الشبهات التي اثارها فريق السلطة وهي تمثيل الاقليات بالصوت الواحد لان الانظمة القديمة كانت تحرمهم وهنا يبين تهافت ذلك بإمور :
– حاولت السلطة اثارة اهل الجهراء بأن الصوت الواحد فرصتهم ولكن الصدمة ان اكبر قبيلة بالجهراء وهي عنزة فاز منها مرشح واحد فقط وكثير من اصواته ليست من القبيلة وايضاً لم ينجح اي مرشح من قبيلة شمر ذات العدد الكبير وايضاً عجمان الجهراء وحضر الجهراء وغيرهم فمقاطعة هذه القبائل للانتخابات اوضح بطلان شبهة ان اهل الجهراء يهتمون بالدرجة الاولى بمرشحيهم وكانت المقاطعة كبيرة بالجهراء بالاغلبية وايضاً فوز بعض مرشحين مطير والرشايدة بالمراكز الاولى في نظام الاربع اصوات يشير ان اهل الجهراء الاولوية عندهم المرشح اكثر من كونه من مناطقهم.
– انتجت المقاطعة عدم نجاح القبائل الكبيرة فهل هذا النظام اتى لتعزيز الاقلية وضرب الاغلبية ؟
– مجلس الامة ليس مجلس تشريف او وجهات او مجلس شيوخ حتى يتم تمثيل الجميع فيه بل العبرة بالكفاءات.
-لم تنجح كثير من الاقليات في كثير من الدوائر فهل انصفها الصوت الواحد ؟
بعد هذا العرض استطيع ان اقول ان حملة المقاطعة بإمكانياتها المحدودة بكل الامور تفوقت على حملة المشاركة بكل زخمها وضروفها من خلال مشاركة تقدر ب39%اي مقاطعة اكثر من 60% (حسب ارقام اللجنة) وايضاً كثير من الفعاليات والرموز تشير ان نسبة المشاركة اقل من ذلك ولكن في جميع الحالات النسبة ضعيفة ورسالة المقاطعة نجحت خاصة بعد كلام الامير قبل الانتخابات لبعض الرموز الدينية مثل الشيخ نايف العجمي والشيخ عجيل النشمي انه مع الشعب في حالة ان النسبة اقل من 40% وكذلك قال الخبير د. محمد المقاطع ان الانتخابات تكون فاشلة بتلك النسبة وهذا ما اشارت اليه كثير من الوكالات الاخبارية ان المشاركة محدوده او فاشلة في انتخابات ديسمبر.
أضف تعليق