كتاب سبر

ومهما يحدث بالكويت.. نكبر و ننسى

أعتقد بأن التعدي الحاصل على الحريات و التعسف في استخدام السلطة و إزدواجية  تطبيق القانون لم تأت من فراغ، فهناك معطيات مهدت لحدوثها و ساهمت بتفاقمها. مشكلتنا الأساسية ككويتيين أننا شعب سريع النسيان وفترة اهتمامنا بقضية من القضايا لا تتجاوز الأشهر المعدودات مهما عظمت القضية و تداخلت فيها مصالح وطنية عدة. وعليه أصبحت السلطة التنفيذية مقتنعة بأنه مهما بلغت حدة الأزمات “الحقيقية منها و المفتعلة” فإنها ستنتهي تدريجيا إلى أن ينسى الناس أسباب حدوثها. للأسف تلاشت من الذاكرة موضوعات عدة كانت تضع البلد على كف عفريت و منها الإعلان مدفوع الأجر المسيء للكويت المنشور في جريدة الأهرام، وموضوع صفقة شراء طائرات الرافال، و موضوع التلوث البيئي في أم الهيمان و قضية حريق مستشفى الجهراء، و فضيحة محطة مشرف للصرف الصحي و مآساة تسرب الغاز من حقل الروضتين، وعدد لا يحصى من الموضوعات التي أخذت حيزا كبيرا من التركيز الإعلامي والاهتمام الحكومي و المحاسبة النيابية و الترقب الشعبي لكنها كلها إنتهت بالغرق التدريجي في بركة النسيان. فكل ما سبق من حوادث ولدت بصخب و ماتت بهدوء جعل السلطة التنفيذية أكثر جرأة بالإقدام على ما يحلو لها من أفعال “لقناعتها” بأنها ستمر بهدوء كغيرها من أحداث وذلك طبعا بعد أن “تاخذ حاصلها” الزمني من التركيز والاهتمام والانفعالات المصاحبة.
  خلاصة كلامي هي أننا بمراجعة بسيطة لأفعالنا خلال السنوات الماضية سنصل لقناعة بأن انعدام الصدق بيننا وبين أنفسنا أولا، وتنامي النفاق والتزلف ثانيا بالإضافة لكثرة “المقاضيب” على رموزنا السياسيين و تناقض أفعالهم هو من أسقط هيبة المجلس فسقطت معه هيبة الحكومة إلى أن أصبحنا “عراة سياسيا”. وللأسف ضاع من حقوقنا الكثير و قد تضيع المزيد من الحقوق بالقادم من أيام إذا لم نتدارك الأمر و نقف وقفه صادقة مع النفس. ما يحدث بالكويت من صراعات لاشك أنها “لعب كبار” تفننوا في إستغلال سمة النسيان لدينا. و لا حل إلا بأن نواصل السعي نحو تأصيل تطبيق الدستور “بحذافيره” وبشكل يتلائم مع سمو مواده و رقي لغة الخطاب فيه. فالألم على حالنا يفوق الوصف لكن العلاج متاح لمن أراد أن يخفف من آلامه لتبرى جراحه للأبد. الكويت لا تستحمل مزيدا من الحماقات و العناد لن يفيد طالما المعني بالسماع “أطرش”. و الله الحافظ و المستعان.
بالتزامن مع الشرق القطرية
@abdulaziz_anjri

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.