* سهام القبندي: المشكلة تكمن في وقت الفراغ الطويل وغير الموجه
لم يكن تتابع الجرائم المرتكبة في الفترة الأخيرة إلا مؤشراً سلبياً على خلل ما في المجتمع، إما في السلوك الفردي، أو في القانون الجزائي، أو في التوجيه والتوعية، وإما في كل تلك الأمور مجتمعة، وهو ما يوجب التوقف والتأمل والبحث، في الوقت الذي بدأ المجتمع الكويتي يتجرد من كونه “مسالماً”.. ويتخلى قسراً عن تلك الصفة التي التصقت به ردحاً من الزمن، بينما هو يشهد موتاً متتالياً لأبنائه عبر جرائم بشعة وأخرى أكثر بشاعة وأخرى بلا أسباب أو دوافع منطقية، آخرها جريمة مقتل الطبيب اللبناني جابر سمير في مجمع الأفنيوز الجمعة الماضي، ومن بعدها محاولة قتل الشاب البدون في محطة بنزين الصليبية وقبل ذلك دهس العسكري تحت عجلات سيارة صديقه في أحد المخيمات ثم قتل حارس مخيم مصري.. وغيرها وغيرها.
بداية قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور جميل المري ان الجميع يتكلم عن أمور الجرائم وكثرتها في البلد والتخلص منها وباختصار شديد فإن تفعيل القانون يقضى على هذه الامور من الظواهر السلبية والسيئة، مؤكدا ان القانون السماوي لاي ديانة هو ضبط الانسان الذي يتماشى معها، ونحن مسلمون وأصحاب ديانة سماوية والانضباط الديني الشرعي لم يؤثر فينا، خصوصا اننا في دولة محافظة، كما أن فئة الشباب لم تأثر من ناحية هذا حلال وهذا حرام.
وأضاف المري: “اما الجانب القانوني.. فالقانون وضعي فهو من تشريع الانسان الكويتي، لكن المسألة في تنفيذه وتطبيقه”، موضحا ان الجانب الروحي والديني لدى فئة من بعض الشباب غير مفعل على ارض الواقع فكأنه فقط شعائر وطقوس لاغلب الناس، وان جانب العبادات هو ان نصلي ونصوم واما جانب المعاملات فهو مهمل في حين يفترض ان يفعل لأن الدين ليس طقوساً وشعائر وحسب، فهذه بين العبد وربه، ولكن يتطلب منه حسن التعامل مع الآخرين.
وقال المري ان القانون الوضعي لم يطبق ومخترق بسبب الواسطة، والجميع يشتكي من عدم تفعيل القانون، ولكن في الجانب الآخر نراه في دول أخرى خليجية مطبق والك يحترم قواعده وتعليماته على أحسن وجه.
وأكد أننا نحتاج الى الدين الى جانب القانون في تطبيقه، مضيفا: بعد جريمة (الأفنيوز) قال أهل القتيل إننا ننتظر حكم القضاء فهذا حكم مفصلي كانتخابات مجلس الامة مفصلية، فنوعية العقاب الذي ينزل على هذا المتهم اذا لم ينفذ حكم الله سبحانه وتعالى وحكم القانون فسوف ترى المجتمع يتجه نحو البعنف أكثر وأكثر وأكثر.. هناك من الشباب الطائشين والذين يحملون السكاكين وغيرها منتظرين ما هو الحكم الذي يصدر على القاتل اذا صدر حكم على سبيل المثال سجن عشر سنوات او اذا اصبحت هناك تراضي ما بين أهل القاتل والمقتول ويطلبون منهم ان يسامحوه، فاذا القانون لم يأخذ مجراه فلا طبنا ولا غدا الشر، مؤكدا ان هذه الحادثة مفصلية فاذا حكم فيها بالحكم الشرعي وحكم القانون الوضعي الصحيح فسوف نقطع دابر العنف لدينا في المجتمع.
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية المفتوحة الدكتور سامي خليفة قال:
ان الجريمة التي حدثت قبل يومين وراح ضحيتها طبيب لبناني بدم بارد أمام مرأى في مكان عام استهتار كبير في الذوق الاجتماعي بالبلد وفي أجهزة الدولة المعنية بالامر بذلك، لذا على الحكومة المتمثلة بوزارة الداخلية وتحديدا وزير الداخلية ان يعيد الهيبة لتلك الاجهزة المعنية في هذه الجريمة، ان الجريمة اليوم وصلت الى درجة من الاستفحال حيث بدأت الاسر تتوجس خيفة من خروج أبنائنا من الأماكن والمرافق العامة.
هناك دور في بذرة المجتمع وهي الاسرة، حيث لا يمكن للابناء والامهات في حال تركوا ابناءهم دون تربية الا ان نرى نتيجة الظاهرة التي نراها اليوم، فلا يعقل ان تترك الاسر دون تحذير من ان العقاب سيطول الاسرة ايضا في حال فشل تربية ابنائهم او في حال ترك هؤلاء الأبناء دون تعليم أو دون توعية… فبعد ثلاثة حوادث مرت عليها الكويت خلال يومين لاشك ان هناك اثار سلبية كبيرة على المجتمع، لذلك على وزارة الداخلية دور مواجهة تلك الاثار ومحاولة الحد التقليل منها.
أستاذة علم الاجتماع في جامعة الكويت ومديرة مكتب الاستشارات والتدريب بكلية العلوم الاجتماعية الدكتورة سهام القبندي قالت:
وذكرت القبندي ان الحادث الاخير ان القتيل لبناني والجاني من غير محددي الجنسية وفي الاخير الانسان يبقى نتاجاً للظروف التي يعيشها، واذا كانت الانسان ظروفه مربكة غير مرتبة لا يشعر بالاستقرار النفسي والاستقرار الاسري والوظيفي فهذا يؤثر عليه، وهذا الانسان معدل نظرته لنفسه اذا لم تكن متوازنة فبالتالي أي مثير خارجي يجعله ردود فعله غير متوقعة، الجرائم عموما وبشكل او بآخر لها مسبباتها وبالتالي كل جريمة أحداثها، وقبل سنة تقريبا صارت أحداث من بعض الشباب في مجمع المارينا الذي راح ضحيتها الشاب ايراني الجنسية.
ان الفترة الزمنية لا نستطيع ان نغفلها، لو رصدنا بالفعل هذه الجرائم او هذه الاحداث من الذي يفعلها نرجع ونقول بأنهم أغلبهم شباب ومراهقون والمراهق يكون مندفعاً باحساسه ومعتزا بشخصيته ويريد ان يثبت رجولته فبالتالي بجهده أمام مرأى من الناس يحب يحقق بطولة لا يحب ان يكون مهزوماً فبالتالي اسباب كثيرة تدخل ولكن الشخص لا يدركها وبالفعل هي اسباب كثيرة تجعل الشخص السلوك الذي يخرج منه له دافع معين والدافع هو الذي يعرفه.
أستاذ الإدارة والمالية في جامعة الكويت الدكتور يوسف المطيري قال:
وقال المطيري ان وجود فئات مجتمعية مثل الشباب لا يوجد لديهم اوقات عمل بل يعانون من اوقات الفراغ، فاذا الشباب ليس لديهم العمل المفيد الذي يشغلهم في اوقات الفراغ قد يشغلونك في شيء غير مفيد وبالتالي اصبح هناك وزارة للشباب تهتم بشؤون الشباب وهذه بادرة طيبة، وهذه تعمل على صقل مهاراتهم وتدريبهم على أشياء ذات قيمة في المشروعات الصغيرة وفي الجانب الاقتصادي.
وأضاف ان الشباب طاقة وحماس ولديهم امكانيات وقدرات وان لم تشغل في الجانب المفيد وتوفر لهم الامكانيات لاستغلال طاقتهم ومواهبهم وينظمون قدراتهم فيها قد يشغلون في جانب آخر سيء في التسكع والتمشي وغيرها من الاشياء، وبالتالي هذه تخوض مدعاة للوقوع في مثل هذه الجرائم.
وأكد المطيري ان الجانب الآخر هو مهم ومتعلق بالجانب الأمني، فالضبط الأمني مهم جدا، للاسف اننا لا نرى الانتشار الكبير الامني في الاماكن العامة وبحد ذاته هذا يعتبر خلل، ولابد ان يكون انتشار وتواجد امني في المنتزهات والاماكن العامة لضبط الامن، وقد يكون ذلك رادع لهذه الجرائم، مشددا على وزارة الداخلية بضبط الجانب الامني وضبط القانون وتفعيل هذه القوانين وايجاد الجزاءات الرادعة لهذه السلوكيات.
المحامي عبدالله الأحمد فقال ان ظاهرة الجرائم مرتبطة بعدة عوامل منها العوامل السلوكية والعوامل الاجتماعية المتعلقة بالتربية وبالبيئة المحيطة من مدرسة وغيرها من الامور.
ويضيف قائلا: ان من المهم عندنا بان نكون متحصنين في بتطبيق العقوبة الرادعة ضد من تسول نفسه بان يخرق عادات المجتمع في جرائم تهز كيانه، وتكون مسؤولية النص التشريعي وتطبيقه من قبل الجهاز النيابي والجهاز القضائي، وطبعا ذلك يأتي بعد تحريات وزارة الداخلية فهؤلاء عليهم مسؤولية كبرى في عاتق تطبيق الرادع التي تنص عليهم القوانين.
واوضح ان دور الاسرة دور مهم والبيئة المحيطة بالشخص نفسه هو الذي يدفعه الى الدافع الاجرامي او السلوك الانسان العادي، طالما لم تكن تربية ورقابة من الاسرة قد يكون الشخص يجتمع مع “شلة” عندها بعض السلوكيات الاجرامية التي تدفعه بالقيام بتصرفات غير مسؤولة، مشيرا الى ان الجانب الامني دوره مهم من الناحية التوعوية وكذلك تواجده في اماكن الساحات العامة.
أضف تعليق