هناك عدة عوامل توصل إلى مرحلة العنف الفجائي تتضمن على رأس قائمتها تعاطي المخدرات وإدمان المشروبات الكحولية بالإضافة إلى الاضطرابات العقلية و للأسف كلنا يعلم حجم إنتشار المخدرات و المشروبات الكحولية بالكويت و سهولة الحصول عليها لمن أراد حتى أصبحت أصنافها وأسعارها نكتا تقال ضمن سياق المسرحيات و
المسلسلات الكوميدية.
لست بصدد تبرير ما حدث من جريمة قتل بشعة في مجمع الأفنيوز، لكني أود أن أقف عند أسباب حدوثها و سبل التصدي لها بقدر إجتهادي البسيط. فكما هو معلوم بان القاتل من فئة “البدون”، وعلى الرغم من وجود نسبة منهم تحاول تعديل وضعها من خلال التعليم الجاد و العمل الشريف إلا أن هناك نسبة أخرى منهم تلجأ لأشنع المهن
وأحقرها بسبب انعدام الوازع الديني لديهم و إحساسهم بالإضطهاد المستمر فتجدهم يدمنون على تعاطي المخدرات
والخمور وعندها يصبح ارتكاب الجرائم أهون مما يمكن أن نتصوره. لذا فإن من أبقى على حال البدون من سيئ إلى أسوأ ساهم بشكل غير مباشر بقتل المرحوم د.جابر يوسف، و كلامي هذا ليس تبريرا و لا دفاعا عن أحد، فالقاتل يستحق الإعدام بلا رأفة وبلا أدنى تعاطف أو شفقة، لكن قناعتي الشخصية تجعلني مؤمنا بأن هذه الحادثة لم تكن الأولى وليست الأخيرة، فهناك سوابق عدة لحوادث قتل تم “طمطمتها” لكن الإستثناء في هذه الحالة أنها جريمة
قتل عمد حدثت في أكبر مجمع تجاري بالكويت و أمام مرأى عامة الناس.
إذا كانت الحكومة قادرة بالسابق على تغليف جرائم القتل التي تحدث تحت ستار الليل أو بالأماكن المهجورة فإنها لن تستطيع التعامل مع هذه الحادثه و غيرها بنفس الطريقة. فالكل علم بقصور وصول المسعفين و رجال الشرطة لموقع الحادثة كما علم الجميع بأن سبب القتل نشأ من خلاف بسيط في موقف السيارات وتيقن الكل بأن الضحية رحمه الله كان طبيبا خلوقا و إنسانا صالحا فدب الرعب بقلوب الجميع ووصلنا لقناعة بأن أي منا قد يكون الضحية القادمة.
و بما أننا في بلد تجاوزت فيه صلاحيات سلطة أصحاب النفوذ صلاحيات السلطتين التنفيذية و التشريعية فقد أصبحنا نعي جميعا بأن الكويت بيئة خصبة للجرائم. فبعض القوانين لا يتم تطبيقها وبعض الأحكام القضائية لا يتم تنفيذها وبعض التهم يتم تلفيقها ظلما على أبرياء فيما يسير بعض المجرمين بيننا و نحن لا نعلم.
ما حصل في مجمع الأفنيوز من قتل عمد لن ينتهي. ودم المرحوم برقبة كل مسؤول صاحب منصب رفيع “تكاسل” أو “تعمد” تجاهل ملف “البدون” و هو يعلم بقدرته وفق منصبه على علاج هذه الظاهرة الخطرة على المجتمع. كما أن تفشي ظاهرة تهريب المخدرات و الليونة في تطبيق القانون عامل محفز لمزيد من الجرائم. فقد رحل عن دنيانا إنسان طبيب و كسبنا مجرما قاتلا فهل سنسمح لإخفاقات حكومتنا المستمرة أن تحرمنا مزيدا من البشر الأبرياء و أن تخلق لنا مزيدا من المجرمين القتله؟
وهل سيرضينا أو يطمئننا تطبيق عقوبة الإعدام فقط دون البدء بعلاج حقيقي لأسباب زيادة الجرائم بالكويت
وخصوصا القتل العمد؟ (فالمصاب بلوثة عقلية / ومن أمن العقوبة) لن يفرقا عند ارتكاب جريمة بين أصغر مواطن أو أكبر شيخ.
*والله الحافظ و المستعان*
بقلم: عبدالعزيز محمد العنجري – كاتب كويتي
أضف تعليق