كتاب سبر

غني يا حراكنا “الوحيد “!

لو ان احداً ما ذهب لحفل زفاف وقال لأهل المعرس : عظم الله أجركم!! او حضر واجب عزاء وقال لأهل الفقيد : مباركين !! لاشك انكم ستقولون ان  هذا الحاضر غائبة عن مقاله اصول اللياقة وقد وضع نفسه فى موقف محرج ويستحق مخالفة ممنوع المواقف ” البايخة ” وربما حجز “مسيرة ” واجبات اجتماعية !! ليس لان ما قاله شتيمة او عيب بل لأنه وضع مقاله فى غير مقامه فاستحق اللوم او “اللومان ” ان كبرت فى رؤوس اهل العريس او الفقيد واتهموه بقضية سكر !! ولا يلامون !! .
ان اسقطنا هذه الفكرة على وضعنا السياسى فان اى منصف حضر مشاهد الحراك من البداية ويستطيع وزن كلامه بمعيار المقام المقصود ويقدر ان يقيس الامور بمنطق موزون خالى من دسم “التقلقس ” والنفاق فسيجد ان كل المقولات التى تصف حال الحراك الشعبى هى مقولات بعيدة جدا عن مقام الواقع .
رغم انتصار الحراك فى مقاطعة الانتخابات وتسطير المواقف المبدئية تجاه الدستور فلا زال هناك من يقول له :عظم الله اجرك !! ورغم فشله فى توحيد صفوفه للحفاظ على الزخم وتوحيد الرؤى حول خطواته المستقبلية فهناك من يقول لشبابه : مباركين  !! والحقيقة ان كلا العبارتين هما مقال خارج عن سياق مقام لوحة فقه الواقع فليس المقام مقام تعزية او تهنئة فالمباراة طويلة ولم تحسم الى الان والأفضل من كلا القولين  مقام كلمة واحدة تصف الدواء لداء الحراك ألا وهى : تعاونوا .
ما يحدث الان هو استنزاف للحراك يجسده ضياع بوصلة الحراك بين ” الزمن ” و” الرتم” فنجاح الحراك ليس مرتبطا بزمن معين ولكنه مرتبط بالرتم الذى لابد من الحفاظ على مستواه وأيضا تتجسد فى فقر الاجوبة المدقع امام يد الشباب الممدودة بوعاء سؤال  :وماذا بعد ؟! وتجسده كذلك زهرة شباب يقبعون خلف القضبان ومسيرات تكلفتها الاجتماعية اكثر من نتائجها المرجوة ,وهذا الاستنزاف سيجعل رصيد الحراك قريباً يلعب على المكشوف وستجعل شباب الحراك عرضة لأمطار خيبات الامل وعواصف اليأس التى تقتلع مبانى الاصلاح المنشود فى قلوبهم وهذا هو  بالضبط الطقس الذى تريده الحكومة وحلفائها الذين بالرغم من قلة حيلتهم الشعبيه والسياسية ولكن للأسف ما حولهم احد !!
ائتلاف المعارضة وتوحيدها هو ضرورة تبيح محذورات تنوع الرؤى السياسية , فما يحدث الان هو فوضى سياسية تحمل “تفويضاً ” لترسيخ نظام دستورى وفاقد الشئ لا يعطيه , ولكى تتحول الفوضى الى فضاء واسع يشمل كل اطياف الحراك لابد من ترصيعه بنجوم اولويات يجب ان لاتكون صلبة فتكسر ولا لينة فتعصر وان تضبط ساعات ليل ونهار الحراك تحت توقيت تعاون موحد وإلا سيعيش شباب الحراك نهار حراكهم  وهم يسمعون موجز اخبار مرتجلة لا تغنى ولا تسمن من جوع لان كل تفاصيلها تقول ان كل تيار سياسى  يغنى على ليلاه !! .
كان لليلى مراد جملة مشهورة  تقولها  لأنور وجدى وهى : غنى يا وحيد ..والان  ليل الحراك  ينادى شبابه ويقول : غنى يا ” موحد ” فقد طال وجدى وانا اناديك !!
 

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.