كتاب سبر

من يبني لنا جسورًا عربية؟

من يبني لنا جسورًا عربية؟ 
بقلم: عبدالعزيز محمد العنجري 
وصلت بحمد الله إلى الأردن بأول زيارة لي للمملكة، وسبب عدم زيارتي لها من قبل يرجع لكوني مقلًا بالسفر السياحي فأنا مدمن على العمل وعليه تكون زياراتي لأي بقعة بالعالم مرتبطة بذلك لأن الراحة بالنسبة لي أصبحت عبارة عن التمكّن من النوم لثماني ساعات متواصلة بدون إزعاج أو قلق ولا اسعى للاستجمام بقدر سعيي لكسب الرزق من خلال التجارة وبذل المزيد من الجهد فيها.. عمومًا، وصلت للأردن ووجدت شعبًا كريمًا وعزيز نفس، وجدت بلدًا يعمرها أبناءها الذين يسعون للعمل بأي مهنة شريفة، طلبًا للرزق الحلال وشدني التآخي والتلاحم فيما بينهم.
ثلاثة أيام أتجول فيها بالأردن ولا أزال فيها وأنا اكتب هذا المقال ولم أجد ما يعكّر صفو زيارتي بل العكس، وجدت فيها ما يجعلني أحرص على ديمومة زيارتها، فقد اصبح لي فيها بفضل الله أحباب وأصحاب وبإذن الله مقاصد رزق. 
اعتقد بأن أفضل طريقة لتأصيل مبدأ الوحدة العربية هو أن يكون لنا في أكثر من بلد شقيق مصدر رزق، ولا أتكلم هنا عن فرص التوظيف، بل أتكلم عن التجارة والعمل الحر، فأن يكون لي “حلال” ببلد ما لاشك سيجعل الروابط بين الشعوب العربية أقوى وأكبر كما انه سيجعل بقلوبنا غصات حنين أو أنغام الفرح تبعًا لما يجري في هذه البلدان من أحداث.
وبعيدًا عن خطب الحكومات العربية والخليجية وتشدقهم بعبارات “نحن أخوة ونحن شعب واحد” والتي لا أجدها  حقيقة ملموسة بالقدر الذي يدعون، لا أجد تفعيلًا واقعيًا لهذه العبارات أسوى بتفعيل قيام كيانات تجارية  بين الأخوة العرب، فتأسيسي لنشاط تجاري بالأردن سيجعلني حريص أكثر على ديمومة استقرارها وسلامتها.. وأنا هنا أتكلم بشفافية بعيدة عن المجاملات.. فالقلب العربي لم يعد يحتمل مزيدًا من الهموم، وكل منّا له ما له وعليه ما عليه، لكن وجود معارف وأصحاب وتجارة ببلد شقيق ستجعلنا جميعًا حريصين على ديمومة استقرار هذا البلد أو ذاك.
أتمنى من الدول العربية وبمن فيها من قيادات تطمح فعليًا لعمل علامة فارقة في مفهوم الوحدة العربية، بأن تتبنى تسهيل قيام كيانات اقتصادية صغيرة ومتوسطة بين الدول الخليجية والعربية ليعود القلب العربي موزعا بين كل هذه البلدان، فيصبح الهمّ مشتركًا، وتصبح الفرحة للجميع ونصبح أمة واحدة يخاف بعضنا على الآخر، بدلًا من أن يخاف بعضنا من الآخر.. والله الحافظ والمستعان.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.