كتاب سبر

ثقافة الاستغباء الجامي

عجيب أمر الناس: من يحتقر عقولهم ويراهم عصاةً، فسقة “عوامَ” لا يفهمون الدين ولا يفقهون شيئاً , وأنه وحده العارف الفاضل التقي كيف يتهافتون حوله ويرددون سخفه! 
ومن يحترم عقولهم ويدعوهم لامتثال أمر الله لهم بالتفكر والتأمل والتدبر والنظر وأداتها العقل وهي أسمى معاني إنسانيتهم يتجاهلون قوله وينظرون له بعين الارتياب كأنما دعاهم لشيء فوق طاقتهم وليس بوسعهم وما هذا الشعور إلا بسبب انتشار ثقافة الاستغباء والتحقير للذوات حتى استمرأه من جهل قدر نفسه.
وما الناس -يا سيدي- في ميزان الشريعة إلا سواسية , لا خاصة ولا عامة
فكما أن الله ساوى بيننا في التكاليف والجزاء فنحن كذلك سواء في الوصول للحق ومعرفته لا مزية لأحد على أحد
فالآمر واحد والمكلف واحد..
وما هذه المناصب الدينية المختلقة: إلا صنيعة سلاطين الجور ليحولوا بين الناس وبين فهم دينهم الذي أبسط ما يدعو اليه هو تحررهم من تسلطهم وجورهم!
حتى أضحى بعض ضعاف العقول من الناس -ولا أخص الجامية وحدهم- وإن طالت لحاهم وقصرت مدارك عقولهم , عند المدلهمات كالغنم المطيرة تنتظر كُهانها وعرافيها حتى تخبرها بخبر السماء!
فكأن القرآن الكريم لم يختم بــ(اليوم أكملت لكم دينكم)
وكأن الوحي لم يأتِ (تبياناً لكل شيء)
وكأن الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم لم يتركنا (على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك)
إننا حينما نتكلم عن الدين باعتباره للناس جميعا لا خواص وعوام فإنما نقصد الكليات القطعيات التي عليها استقامة حال دين الناس ودنياهم وعليها مدار أمورهم وبها صلاح أحوالهم، أما الجزئيات الظنيات فهذه محل أخذ ورد وتتفاوت فيها الأفهام وتتنوع فيها مستويات قوة الحجج وهي من علامات سماحة الدين ويسره وأمر الناس فيها واسع لا ضيق ولا حرج.
ثم هي متغيرةٌ متبدلة بتغير الزمان والمكان والأحوال فلا يلزمنا أحد فيها بشيء الا ما وافق النقل الصريح والعقل الصحيح وإليهما يرد كل شيء.
أيها المُصدّر لدين الله باعتبار حقوق الملكية الفكرية خاصةٌ بك وبجماعتك وفكرك وبقية الناس في ضلال وبدعة وفسق وكفر …..
((انتهى زمن الاستغباء))
لابد على الناس إن أرادوا الوصول للحقيقة أن يطرقوا أبوابها ويتقنوا استخدام أدواتها ولا يرتضوا بالأفكار المعلبة وقوائم المحرمات والواجبات الجاهزة فلا نظر ولا تدبر ولا تساؤل والملة الحكيمة مبناها على التعقل (أفلا يعقلون) وحاشاها من الإكراه الفكري (لا إكراه في الدين).
إن التشديد على الناس وجعل الأمة كافةً في حرج من أمرها والمساواة بين ما تعم به البلوى وما يُفتى فيه احتياطاً
مهزلةٌ فكرية نعيشها في العصر الجديد
إن مساواة واقعٍٍ في قمة الحداثة والتقدم وإسقاط فتاوى وأحكام صدرت من أناس نحترم آراءهم لواقع في قمة البساطة
مهزلةٌ فكرية نعيشها في العصر الجديد
إن شرعنة واقع مستبد وتطويقه بالنصوص الشرعية محرفة المعنى في ظل واقع عالمي تتطلع شعوبه للحرية والعدالة والمساواة وتؤمن بحقوق الإنسان وتتداعى لنصرها
مهزلةٌ فكرية نعيشها في العصر الجديد
وهو بالمناسبة أمر ينفّر الناس من الدين الحق ويجعلهم في خصومةٍ حضاريه معه والعدو الحقيقي لهم : هي فهوم أولئك المتخلفين المشرعنين للاستبداد بقايا عصور الظلام والانحطاط!
بإمكانك سيدي العالِم أن تلغي كلامي كله وتجعل بينه وبين الناس حاجزاً بجرة قلم في فتوى عمياء البصر والبصيرة لكن ! من سيحجب شموس الحقيقة التي ستعري ظلامك!
إن كلمة الحق المتوهجة حين نطلقها فإنها تخترق صمت الأجواء لتصبح مسؤوليةً لكل حر لامست في قلبه كوامن تشغل تفكيره منذ زمن وتتحرك فيه ويتمنى التعبير عنها.
قبل المسك الختامي:
اربطوا آخر طاغوت عربي بلحية آخر جامي غبي!
@alajmi_saad

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.